Islaamka Qarniga Labaatanaad: Xaadirkiisa iyo Mustaqbalkiisa
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Noocyada
وأكبر الطرائق التي عاصرت الدعوة السنوسية على وجه التقريب طريقتان: إحداهما: شاعت في المغرب وشواطئه، ثم في السودان وآسيا الصغرى وهي الطريقة التجانية، والأخرى: شاعت في الحجاز، ثم في مصر والسودان، وهي الطريقة الميرغنية.
وتنسب الطريقة التجانية إلى تجان بالمغرب حيث أقام إمامها الشيخ «أحمد محمد المختار» الذي ولد بقرية «عين ماضي» سنة 1737 ميلادية، وكان في شبابه من أتباع الطريقة الشاذلية، ثم دعا إلى طريقته بعد أن جاوز الأربعين، من آداب الطريقة: أنها لا تناهض الحكم القائم، ولا يعني أتباعها بعد الولاء لشيخها بتغيير السلطان حيث كان، فمنهم من بايع الدولة الشريفية بمراكش، ومنهم من بايع محمد سعيد باشا بمصر واعتبره من الزمرة التجانية، ومنهم من كان يسفر بين سلطان دارفور والسلطان العثماني عبد المجيد، ولكنهم لا يقبلون الهوادة في مسألة الولاء للشيخ الكبير، ويرتابون أشد الريب فيمن يشرك في ولائه أحدا غير إمام طريقته كأنه قابل لأن يتدرج من ذلك إلى المشاركة في ولائه لنبيه وخالقه، وقد قال صاحب كتاب الرماح، وهو من كتبهم المعدودة، إن «من أكبر الشروط الجامعة بين الشيخ ومريده ألا يشرك في محبته غيره، ولا في تعظيمه ولا في الاستمداد منه ولا في الانقطاع إليه، ويتأمل ذلك في شريعة نبيه
صلى الله عليه وسلم ، فإن من سوى رتبة نبيه
صلى الله عليه وسلم
برتبة غيره من النبيين والمرسلين في المحبة والتعظيم والاستمداد والانقطاع إليه بالقلب والتشريع، فهو عنوان على أن يموت كافرا إلا أن تدركه عناية ربانية.»
ويعرف أتباع التجانية في السودان باسم «الفلاتة» وهو الاسم الذي يطلق في الغالب على الغرباء المهاجرين من شواطئ إفريقية الغربية، ومن أتباعها من يقيم الآن في آسيا الصغرى، ويحاول أن يسترد حريته في نشر الدعوة إلى الطريق وإلى شعائر الدين.
ويرجع الفضل الأكبر في انتشار الطريقة الميرغنية إلى السيد محمد عثمان الميرغني المتوفى سنة 1853 ميلادية، أحد تلاميذ السيد أحمد بن إدريس بالحجاز، وقد زامله في هذه التلمذة السيد السنوسي الكبير، وكلاهما عالم فقيه واسع التحصيل، ولكن الميرغني أقرب إلى خلائق العزلة والتعمق في الأسرار الصوفية، وزميله السنوسي أقرب إلى خلائق الدأب والمجاهدة والسياسة العملية، ولهذا كان الملوك والأمراء يتتبعون أخباره، ويخشون بأسه من سلطان القسطنطينية إلى سلطان دارفور، وكان المحافظون من العلية والرؤساء في الحجاز يميلون إلى الطريقة الميرغنية، ويوجسون خيفة من شيوع السنوسية بين أهل البادية العربية والبادية المغربية، ولم يتفق التلميذان بعد شيخهما الكبير ولكنهما لم يتنازعا في مكان واحد، وانقسم الميدان لهما بغير تقسيم.
كان الشاغل الأكبر للسيد محمد عثمان في شبابه أن يبحث عن الحقيقة الصوفية حيثما وجد سبيلا إليها، فاتبع الطريقة النقشبندية، ثم الطريقة القادرية، ثم الطريقة الجنيدية، ثم الطريقة الشاذلية طريقة أستاذه أحمد بن إدريس، وقد ندبه أستاذه للدعوة باسمه في مصر والسودان، فبرح الحجاز إلى القصير، وقصد إلى أسوان من طريق النيل، فانتشرت دعوته بين النوبيين، وبرح مصر من ثم إلى السودان، ونجح نجاحا طيبا بين أهل دنقلة وكردفان، واتبعه كثيرون من قبائل البجاة.
ثم قفل إلى الحجاز، وواظب على حضور الدروس، وملازمة أستاذه الكبير إلى يوم وفاته (سنة 1837) ولكنه أحس العداء ممن كانوا ينافسونه في مكة، فعكف على العبادة بالطائف، واكتفى بجهود ولديه في نشر الدعوة؛ إذ اتجه السيد محمد سر الختم إلى اليمن، واتجه السيد الحسن إلى سواكن فالتف به المريدون من قبائل بني عامر والحلانقة وأكثرهم من البجاة.
ولم تظهر في العهد الحديث طريقة أكبر من هذه الطرق الثلاثة: وهي السنوسية والتجانية والميرغنية، ويستلفت النظر أن هذه الطرق جميعا تشيع بين السنيين، وقلما تشيع بين الشيعة ولا سيما الشيعة الإمامية، ولعلها بين السنيين بديل من اعتقاد الشيعة في الإمامة المنتظرة بشروطها الخاصة التي يصعب ادعاؤها بغير ادعاء المهدية، وهي دعوة كبيرة يشتد الشيعة أنفسهم في محاسبة من يجترئ عليها، فلا يتيسر برهانها، ولا تخلو من المخاطرة؛ لأنها تصطدم بسلطان الدولة وسلطان الدين.
Bog aan la aqoon