ففي الدولة الإسلامية الأولى، سعى رسول الله ﷺ خلال العام الأول للهجرة إلى إقرار الأمن والنظام في المدينة، وبعد أن نجح في ذلك توجه نظره خارج المدينة، حيث قريش عدو الإسلام الأول، فكان أن بدأ بإعلان قريش عدوا لدولة المدينة وحرم أي تعامل معها، حيث بدأ بإرسال سلسلة من الحملات العسكرية غرضها قطع الطريق، على قوافل مكة وهي في طريقها من الشام، وبالإضافة إلى ذلك سعى إلى عزل قريش سياسيا، وذلك بعقد معاهدات دفاعية مع القبائل المحيطة بالمدينة، والتي تخترق قوافل قريش أراضيها، فكسبت الدولة الإسلامية إلى جانبها في السنوات الأولى من الهجرة، عددا من القبائل (١) وهي بني ضمرة (٢) وجهينة (٣) وخزاعة (٤) وغفار (٥) وأسلم (٦) وتضمنت هذه المعاهدات نصوصا بعدم الاعتداء من أي طرف على آخر، والأمن على الأنفس والأموال. ومن تلك المعاهدات، معاهدة بني ضمرة، وذلك أن رسول الله ﷺ سار في أول غزواته حتى بلغ ودان (٧) وهي غزوة الأبواء (٨) يريد قريشا وبني ضمرة، فوادعته قبيلة بني ضمرة، وكان الذي عاهده منهم سيدهم مخشى بن عمرو الضمري (٩) وكتبت هذه المعاهدة

(١) عون الشريف قاسم، دبلوماسية محمد، ص ٢٩. (٢) بني ضمرة: بالفتح هم بني بكر بن عبد مناة بن كنانة. (٣) جهينة: قبيلة تسكن سيف البحر الأحمر وأرضيهم معبرا للقوافل المتجهة للشام. (٤) خزاعة: قبيلة تقيم بمر الظهران مسيرة يوم من مكة، وبعض زعمائهم يتمتعون بمراكز مرموقة في مكة مثل بديل بن ورقاء، وبين هذه القبيلة وقريش عداء قديم. (٥) غفار: قبيلة صغيرة قريبة من المدينة. (٦) أسلم: فرع من قبيلة خزاعة. (٧) ودان: بفتح الواو وشد المهملة قرية من أمهات القرى من عمل الفرع وقيل: واد على الطريق، يقطعه المصعدون من حجاج المدينة. (٨) الأبواء: قرية من عمل الفرع، بينها وبين الجحفة من جهة المدينة (٣٣) ميلا. (٩) سيرة ابن هشام، جـ١، ص ٥٩١.