مقدمة: ترجمة ابن السِّكِّيْتِ ١٨٦-٢٤٤ من مقدمة الأستاذ عبد السلام محمد هارون هو أبو يوسف يعقوب بن إسحق، عرف بابن السِّكِّيْت، و"السِّكِّيْت" لقب أبيه إسحق، وهو بكسر السين المهملة، وتشديد الكاف المسكورة، قال ابن خلكان: وعُرِفَ بذلك -يعني أباه-؛ لأنه كان كثير السكوت، طويل الصمت. وقال ياقوت: كان أبوه من أصحاب الكسائي، عالمًا بالعربية، واللغة، والشعر، وكان يعقوب -يعني ابن السِّكِّيْتِ- يؤدب الصبيان مع أبيه في درب القنطرة بمدينة السلام، حتى احتاج إلى الكسب، فأقبل على تعلم النحو من البصريين والكوفيين، فأخذ عن أبي عمرو الشيباني، والفراء، وابن الأعرابي، والأثرم، وروى عن الأصمعي، وأبي عبيدة. وأخذ عنه أبو سعيد السكري، وأبو عكرمة الضبي، ومحمد بن الفرج المقرئ، ومحمد بن عجلان الأخباري، وميمون بن هرون الكاتب، وغيرهم، وكان عالِمًا بالقرآن، ونحو الكوفيين، ومن أعلم الناس باللغة، والشعر، رواية، ثقة، ولم يكن بعد ابن الأعرابي مثله. وقال الخطيب في: تاريخ بغداد: صاحب كتاب: إصلاح المنطق، كان من أهل الفضل والدين، موثقًا بروايته. وقال الحافظ ابن عساكر -فيما نقل عنه ابن خلكان: وكتبه جيدة صحيحة، منها: إصلاح المنطق، وكتاب: الألفاظ، وكتاب في: معاني الشعر، وكتاب: القلب والإبدال. وقال الخطيب: قال أبو سهل: سمعت المبرد يقول: ما رأيت للبغداديين كتابًا أحسن من كتاب يعقوب بن السِّكِّيْت في المنطق، وكذلك نقل ابن خلكان عن المبرد. وقال ابن خلكان أيضًا: قال بعض العلماء: ما عبر على جسر بغداد كتاب في اللغة مثل: إصلاح المنطق، ولا شك أنه من الكتب النافعة الممتعة الجامعة لكثير من

1 / 5

اللغة، ولا نعرف في حجمه مثله في بابه. وأخبار ابن السكيت ومآثره كثيرة، وقد اختلف في تاريخ وفاته، ولم يذكروا تاريخ مولده على التحديد، قال الخطيب: بلغني أن يعقوب بن السكيت مات في رجب من سنة ثلاث، وقيل: من سنة أربع، وقيل: من سنة ست وأربعين ومائتين، وقد بلغ ثمانيًا وخمسين سنة. وكذلك قال ابن خلكان: إنه مات في ليلة الاثنين ٥ رجب سنة ٢٤٤، وقيل سنة ٤٦، وقيل سنة ٤٣، ونحو ذلك عن ياقوت. وقد رجحنا أنه مات في سنة ٢٤٤؛ لأن الحافظ ابن كثير ذكره في: تاريخه: في وفيات سنة ٢٤٤، وكذلك العماد في: الشذرات، وبه جزم السيوطي في: بغية الوعاة، وعلى هذا، فيكون تاريخ مولده نحو سنة ١٨٦، إذ لم يختلفوا في أنه عاش ٥٨ سنة. مصادر ترجمة ابن السكيت: تاريخ بغداد، للخطيب: جـ ١٤: ٢٧٣ - ٢٧٤. ابن خلكان: جـ ٢: ٤٠٨ - ٤١١ من طبعة بولاق سنة ١٢٩٩. معجم الأدباء، لياقوت: جـ ٧: ٣٠٠ - ٣٠٢ من طبعة مرجليوث سنة ١٩٢٥ م. تاريخ الحافظ ابن كثير: جـ ١٠: ٣٤٦. تاريخ ابن الأثير: جـ ٧: ٢٩ من طبعة بولاق بغية الوعاة، للسيوطي: جـ ٤١٨ - ٤١٩. شذرات الذهب، لابن العماد: جـ ٢: ١٠٦. مرآة الجنان: جـ ٢: ١٤٧. مقدمة: تهذيب الألفاظ: ٥-٩ من طبعة اليسوعيين، سنة ١٨٩٥م. أحمد بن فارس: وأما أحمد بن فارس، الذي قُرِئت عليه هذه النسخة التي جعلناها أصلًا لطبع الكتاب، فإنه الإمام اللغوي العالم: أحمد بن فارس بن زكريا، المتوفى سنة (٣٩٥)، ويكفي في التعريف به أنه مؤلف: مقاييس اللغة، والمجمل، وغيرهما من أصول اللغة والأدب، وأنه أستاذ لصاحب بن عباد، وبديع الزمان الهمذاني، وقد ترجمت له ترجمة

1 / 6

وافية محققة في مقدمة الجزء الأول من: مقاييس اللغة، فلم أجدْ حاجة للإطالة مرة أخرى في ترجمته في هذا الموضع، ولم يكن له في هذا الكتاب، إلا أنه قرئ عليه. كتب ابن السكيت: سبق في ترجمته ذكر بعض كتبه، وقد طبع منها إلى الآن أربعة كتب: ١ كتاب الأضداد، وقد نُشِرَ في مجموعة من كتب الأضداد، للأصمعي، والسجستاني، والصغاني، في بيروت سنة ١٩١٣ بعناية المستشرق أوغست هفنر، والأب أنطون صالحاني. ٢ كتاب: القلب والإبدال، نشره أوغست هفنر في بيروت، سنة ١٩٠٣. ٣ إصلاح المنطق، وهو ما ننشره اليوم كاملًا لأول مرة. ٤ كتاب الألفاظ. وأشهرها جميعًا كتاباه الكبيران: ١ كتاب: إصلاح المنطق، وسنفرد له قولًا خاصًا. ٢ كتاب: الألفاظ، وقد طبع هذا الكتاب في المطبعة الكاثوليكية ببيروت، سنة ١٨٩٥ بعناية الأب لويس شيخو، المتوفى في ديسمبر سنة ١٩٢٧، وقد ضم إليه في حواشيه شرح التبريزي المسمى: كنز الحفاظ، ثم عمد مرة أخرى، وأفرد الصلب وحده مع بعض الزيادات، وسمى عمله هذا: مختصر تهذيب الألفاظ، وطبعه في المطبعة السالفة الذكر سنة ١٨٩٧. وهذا الكتاب مرتب على أبواب المعاني، كباب: المعنى، والخصب، وباب الفقر والجدب، وباب الجماعة، وقد نسج على منواله من بعد: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦، فضمن كتابه: أدب الكاتب معظم الأبواب التي وضعها ابن السكيت في كتابيه: الألفاظ، وإصلاح المنطق، والعجب أنه لم يذكر له في كتابه فضله ولا سبقه، مع وضوح أخذه من هذين الكتابين. ثم جاء من بعده عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني، المتوفى سنة ٣٢٠، فألف كتابه المعروف بـ الألفاظ الكتابية، على أبواب المعاني، واقتفى أثرهم أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي، المتوفى سنة ٤٣٠، فألف كتابه: فقه اللغة، وبلغ اللغويون الغاية في هذا الفن، بما ألفه ابن سيده الأندلسي، المتوفى سنة ٤٥٨ من كتابه

1 / 7

المخصص، الذي جمع فيه، وأوعى. إصلاح المنطق: يعسر على كثير من الأدباء الذين لم يروا هذا الكتاب أن يفهموا موضوعه حق الفهم، فيحسبونه كما يتبادر إلى فهمهم أنه في علم المنطق، وتصحيح أشكاله، ومقاييسه، ولقد ذهب من قبل مؤرخ للآداب العربية في كتابه إلى أن ابن السكيت قد ألف في علم المنطق، وعلمت بأخرى أن أحد الأساتذة المشتغلين بالفلسفة راقه عنوان هذا الكتاب، فبادر بانتزاعه من أحد أصحاب المكتبات، وعاد به جذلان، حتى إذا كان ببعض الطريق، يقلب الطرف في صفحاته، ابتسم، ثم غلبه الضحك مما أخلفه الظن!. وهذا الكتاب قد أراد ابن الكسيت به أن يعالج داءًا كان قد استشرى في لغة العرب، والمستعربة، وهو داء اللحن، والخطأ في الكلام، فعمد إلى أن يؤلف كتابه، ويضمنه أبوابًا يمكن بها ضبط جمهرة من لغة العرب، وذلك بذكر الألفاظ المتفقة في الوزن الواحد مع اختلاف المعنى، أو المختلفة فيه مع اتفاق المعنى، وما فيه لغتان أو أكثر، وما يعلُّ ويصحح، وما يهمز، وما لا يهمز، وما يشدد، وما تغلط فيه العامة. وقد عرف هذا الكتاب قديمًا، وعني به كبار اللغويين. وقال صاحب: كشف الظنون: وهو من الكتب المعتبرة المصنفة في الأدب، ولذلك تلاعب الأدباء به بأنواع من التصرفات، فشرحه أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد المريسي، المتوفى في حدود ٤٦٠، وزاد ألفاظًا في الغريب، وأبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الهروي، المتوفى سنة ٣٧٠، وشرح أبياته أبو محمد يوسف بن الحسن السيرافي النحوي المتوفى سنة ٣٨٥، ورتبه الشيخ أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، المتوفى سنة ٦١٦، على الحروف، وهذبه أبو علي الحسن بن المظفر النيسابوري اللغوي الضرير، المتوفى سنة ٥٠٢، وسماه: التهذيب، وعلى تهذيب الخط رد لأبي محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب، المتوفى سنة ٥٦٧: وعلى الأصل رد لأبي نعيم على بن حمز البصري النحوي، المتوفى سنة ٣٧٥، ولخصه أيضًا أبو المكارم علي بن محمد بن هبة الله النحوي، المتوفى سنة ٥٦١، وناصر الدين عبد السيد بن علي المطرزي، المتوفى سنة ٦١٠، وعون الدين يحيى بن محمد بن هبيرة الوزير، المتوفى سنة ٥٦٠.

1 / 8

هذا كتاب إصلاح المنطق: ألفه أبو يوسف يعقوب بن إسحق السِّكِّيْت. باب: فَعْلٍ، وفِعْلٍ، باختلاف المعنى قال أبو محمد القاسم بن محمد١: سمعت أبا يوسف يعقوب بن إسحق يقول: الحَمْلُ: ما كان في بطن أو على رأس شجرة، وجمعه أَحْمَال، والحِمْلُ: ما حُمِل على ظهرٍ أو رأسٍ، قال الفراء: ويقال: امرأةٌ حاملٌ وحاملة، إذا كان في بطنها ولد، وأنشد الأصمعيُّ: تمخَّضَتِ المنُونُ له بيومٍ ... أَنَى ولكلِّ حاملةٍ تِمَامُ ٢ فمن قال: حامِلٌ، قال: هذا نعتٌ لا يكون إلا للمؤنَّث، ومن قال: حاملةٌ بني على حَملْتُ، فإذا حملت شيئًا على ظهرٍ أو رأسٍ، فهي حاملةٌ لا غير؛ لأن هذا قد يكون للمذكر. والوَقْرُ: الثِّقَلُ في الأُذن، من قول الله ﵎: ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾ [فُصِّلت: الآية ٥]، ويقال منه: قد وُقِرَتْ أُذنُه فهي موقورة، ويقال: اللهم قِرْ أُذُنَه، ويقال _________ ١ هو أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنباري، كان محدثًا أخباريًا عارفًا بالأدب والغريب، ثقة صاحب عربية، أخذ عن سلمة بن عاصم، وأبي عكرمة الضبي، وقد روى عنه ابنه أبو بكر محمد بن القاسم: شرح المفضليات: توفي أبو محمد سنة: ٣٠٤. ٢ البيت لعمرو بن حسان، من أبيات ذكر فيها الملوك من المناذرة والأكسارة على طريق الاعتبار، عن التبريزي.

1 / 11

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.