(لله) أي الحمد مختص ومستحق للذات ١ الاقدس المشخص الذي يُلاحَظ بمفهوم "الواجب الوجود" ٢ اذ قد يلاحظ المشخص بأمر عام. وهذه اللام متعلقة بمعنى نفسها، كأنها تشربت معنى متعلقها ٣. وفي اللام اشارة الى الاخلاص والتوحيد.
(رَبِّ) أي الذي يربّي العالم بجميع اجزائه، التي كلٌ منها كالعالم عالَم؛ وذرَّاتهُ كنجومه متفرِّقةٌ متحرِّكة بالانتظام.
واعلم! ان الله ﷿ عيّن لكل شئ نقطةَ كمالٍ وأودع فيه ميلًا اليها، كأنه أمَرَه أمرًا معنويا ان يتحرك به اليها، وفي سفره يحتاج الى ما يُمدُّه ودفع ما يَعوقهُ، وذلك بتربيته ﷿. لو تأملت في الكائنات لرأيتها كبني آدم طوائف وقبائل يشتغل كلٌ منفردًا ومجتمعًا بوظيفته التي عيَّنَها له صانِعُه ساعيًا مُجدًّا مطيعا لقانون خالقه. فما اعجب الانسان كيف يشذّ!
(الْعَالَمِينَ) الياء والنون إما: علامة للاعراب فقط كـ "عشرين وثلاثين".. أو للجمعية؛ لأن اجزاء العالم عَوالم.. أو العالمُ ليس منحصرًا في المنظومة الشمسية. قال الشاعر:
الَحَمْدُ لله كَمْ لله مِنْ فَلَكٍ تَجرِي النّجُومُ بِهِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
وآثرَ جمعَ العقلاء مثل (رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) ٤ اشارةً الى ان نظرَ البلاغة يصوّر كل جزء من أجزاء العالم بصورةِ حيّ عاقلٍ متكلِّم بلسان الحال. اذ العالَم اسمُ مايُعلَمُ به الصانعُ ويشهدُ عليه ويشير اليه. فالتربية والإعلامُ يُومِيان - كالسجود - الى انها كالعقلاء.
(الْرَّحْمن الْرَّحِيمِ)
وجه النظم: انهما اشارتان الى أساسَيْ التربية؛ اذ "الرحمن" لكونه بمعنى الرزاق يلائم جلب المنافع؛ و"الرحيم" لكونه بمعنى الغفار يناسب دفع المضار وهما الاساسان للتربية.
_________
١ جعل كلمة "الذات" اسمًا للحقيقة فزال التأنيث.
٢ الذى يكون وجوده من ذاته ولا يحتاج الى شئ اصلًا.
٣ بعد حذف متعلقها (ت: ١٧)
٤ سورة يوسف: ٤.
1 / 28