والجواب: أنا لا نسلم عدم وجوب تحصيل شرط الواجب، بل يجب إن لم يرد الأمر مشروطا به، والأمر الآخر الدال على وجوب النظر عقلا إفحام الرسل لو لم يجب إلا سمعا كما ذلك مذهب البعض، بيانه أن الرسول إذا قال لمن يخاطبه: انظر في معجزتي كي تعلم صدقي، فله أن يقول: لا أنظر حتى يجب النظر، ويكون هذا القول حقا لا سبيل للرسول إلى دفعه، وهذا حجة عليه وهو معنى الإفحام، وللمخالف معارضة وتحقيق، وقد كفى في الرد عليهم علماء العدل، والغرض الإشارة لا التطويل.
فائدة: معنى قولهم: النظر أول واجب أنه لا يعرى المكلف عن
وجوبه عند ابتداء تكليفه بخلاف سائر الواجبات، فإنه قد يعرى عنها نحو قضاء الدين ورد الوديعة وشكر المنعم؛ لأنه قد يخلو عن الدين، وعن الوديعة، وعن نعمة غير الله، وأما نعمة الله فهو وإن لم يعر عنها في حال لكنه لا يجب عليه شكرها حتى يعرفه، وهو في أول تكليفه غير عارف فلا يلزمه الشكر، فظهر لك أنه قد يعرى في أول تكليفه عن جميع الواجبات ما خلى النظر فإنه لا يعرى عنه، ولما كان كذلك وصف بأنه أول الواجبات وليس بأولها في كل حال بل عند عرو المكلف عما عداه من الواجبات، والذي حملهم على الإطلاق المبالغة في الحث عليه والاهتمام به.
(باب إثبات الصانع)
أي اعتقاد ثبوته، وقوله: (وذكر توحيده) من باب عطف العام على الخاص، وهو وارد مثل قوله تعالى: {فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة}[التحريم:4] ووجه ذلك هو التنبيه على أن إثبات الصانع هو أصل باب التوحيد.
وجعل ذكر التوحيد (وذكر عدله ووعده ووعيده) بابا واحدا تقريبا وتسهيلا للمبتدئ، وإلا فالتوحيد باب، والعدل وما يلحق به كذلك، والوعد والوعيد باب.
Bogga 16