قال والدنا العلامة محمد بن عزالدين المفتي كثر الله فوائده: وما أحق المهدي بإمعان النظر في قوله تعالى: {ويحذركم الله نفسه}[آل عمران:28] {كل شيء هالك إلا وجهه}[القصص:88] وهذا من ذلك عند أولئك كما صرح به القاسم، وليست صفاته ثابتة لمعان كما يقوله مثبتوا المعاني من المتكلمين، فإنهم قالوا: حي له حياة أزلية ليست بعرض ولا مستحيل البقاء وعالم له علم أزلي شامل، ليس بعرض ولا مستحيل البقاء ولا ضروري ولا مكتسب، وليست ثابتة لمزايا زائدة كما يقوله الكثير من المعتزلة واختاره جماعة من متأخري الآل، فكونه قادرا وعالما وحيا وموجودا صفات زائدة على ذاته، مقتضاة عن صفة أخص بها فارق مفارقه تعالى بعد المشاركة في الذات لسائر الذوات، وهي صفته الذاتية.
قالوا: ومدرك صفة مقتضاة عن الحيية بشرط وجود المدرك، وليست تلك مزايا زائدة هي صفات له تعالى كما يقوله منهم من نفى الصفة الأخص، وكذا من يقول منهم بالتعلق، بمعنى أن ذاته تسمى باعتبار التعلق بالمعلومات عالمة، وبالمقدورات قادرة، وليست تلك الصفات عدم صفة نقص كما يقوله البعض منهم، وقد حكى عن بعضهم أنه مذهب الآل.
فإن قلت: فما هذه النعوت للجلال المقدس، فإنه لا بد من اعتبار أمر فيها يصح إطلاقه على الله تعالى سوى ما أفاده الآخر، وما الدليل على بطلان ما ذهب إليه من تقدم من المخالفين؟
قلنا: الأمر كذلك فإنه من حيث صح الفعل منه بغير واسطة سمي قادرا ومن حيث صح منه الإحكام سمي عالما، فاعتبار الأمر هو هذا كما يدل عليه قول علي -عليه السلام-: (الظاهر بعجائب تدبيره للناظرين، والباطن بجلال عزه عن فكر المتوهمين).
Bogga 36