وحقيقة الفاعل: هو الذي وجد من جهته بعض ما كان قادرا عليه..، أفاده الأمير الحسين -عليه السلام- والقرشي، ثم قال: وقلنا بعض؛ لأن الفاعل يكون فاعلا وإن لم توجد جميع مقدوراته، انتهى.
(قد صح منه) والمراد الصحة التي تقابل الاختيار لا الصحة التي تقابل الاستحالة كما تقدم (والفعل لا يصح إلا من قادر) ضرورة (دليل ذلك أنا وجدنا في الشاهد ذاتين: أحدهما: إذا حاول حملا ثقيلا حمله، والآخر: يتعذر عليه، فالذي صح منه الفعل يجب أن يفارق من تعذر عليه ذلك).
اعلم أن هذا الدليل هو من قياس الغائب وهو الله جل جلاله على الشاهد، وهو الواحد منا بعلة جامعة، قالوا: لأن طرق الأدلة لا تختلف شاهدا ولا غائبا.
قالوا: وثبوت المفارقة معلوم ضرورة، وكلام الإمام القاسم بن محمد -عليه السلام- أن صحة الفعل لا تكون إلا من قادر ضرورة. انتهى.
فالعلم بذلك ضروري ولا نحتاج إلى الاستدلال بالقياس؛ لأن الفعل قد صح منه تعالى، وكل من صح منه الفعل فهو قادر.
قال مولانا العلامة الإمام علي بن محمد العجري -رحمه الله- في (مفتاح السعادة): اعلم: أن هذا الدليل المركب من القياس وما ذكره النجري مبنيان على ما ذهب إليه الأكثر أن هذه الصفة أمر وجودي زائد على الذات، وأما على ما ذهب إليه الأئمة عليهم السلام ومن وافقهم ممن ينفي الأحوال، فالدليل على قادريته عندهم ما مر من أن العلم بأن صحة الفعل لا تكون إلا من قادر ضرورة، انتهى.
(و) يجب (أن يختص القادر عليه بمزية، تلك المزية هي التي عبرنا عنها بكونه قادرا، فإذا كان الله سبحانه قد صح منه من الأفعال ما يتعذر على غيره ثبت أنه تعالى قادر) وقال ابن حابس رحمه الله: إن هذا ليس بقياس، وإنما هو رجوع إلى كلية. انتهى.
ولا شك في إثبات صفة القادرية للقادر، ومرجعها عند أئمتنا عليهم السلام إلى ذات الباري جل وعلا، وفي الشاهد إلى البنية المخصوصة.
Bogga 27