وأجاب ابن عرفة بأن رعي الخلف حجة في بعض المسائل دون بعض، وضابط ذلك رجحان دليل المخالف عند المجتهد على دليله في لازم مدلول دليل المخالف، فليس تحكما لأن له مرجحا، وثبوت الرجحان ونفيه إنما يكون بحسب نظر المجتهد في النوازل واعترضه بعض الفقهاء بأنه يقتضي إثبات اللزوم بدون لازمه، لأن فيه إثبات ملزوم دليل المجتهد المراعي للخلاف كمالك في المثال ، بدون لازمه لأن مالكا أثبت فسخ نكاح الشغار لدليل شرعي دون لازمه الذي هو عدم الإرث بين الزوجين وذلك محال. وأجيب بأن استحالة وجود الملزوم بدون لازمه لا تكون إلا في اللزوم العقلي وأما اللزوم الشرعي فلا استحالة في انفكاك الملزوم فيه عن اللازم مع وجود ملزومه كموجبات الإرث كالبنوة مثلا فإنها ملزومة للإرث شرعا أي جعلها الشرع ملزومة له، وقد ينتفي الإرث بموانع كالكفر والرق مع وجود البنوة، والأصل فيه عند مالك قوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة ولد زمعة الذي اختصم فيه سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة كل منهما يدعيه، يدعي سعد أنه ابن أخيه عتبة، ويدعي عبد أنه أخوه لأنه من أمة أبيه، فألحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولد بصاحب الفراش الذي هو زمعة، وللعاهر الحجر أي الرجم واحتجبي منه يا سودة لما رأى من شبهه بعتبة، فراعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكمين أي حكم الفراش فألحق الولد بصاحبه الذي هو زمعة وحكم الشبه فأمر بنت صاحب الفراش التي هي سودة بنت زمعة بالاحتجاب من الولد.
Bogga 31