باب الاعتكاف (١)
- الاِعْتِكَافُ مُلاَزَمَةُ المَسْجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا مَعَ النِّيَّةِ وَالصَّوْمِ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَاتِ، تَارِكًا لِلأَسْبَابِ الدُّنْيَوِيَّةِ إِلاَّ لِضَرُورَةِ تَحْصِيلِ طَعَامِهِ، وَاشْتِرَاطَهُ الْخُرُوجَ مُلْغًى، وَيَبْطُلُ بِالْخُرُوجِ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ أَوْ طَعَامِهِ وَلَوْ لِعِبَادَةٍ أَوْ صَلاَةِ جَنَازَةٍ أَو جُمْعَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ (٢) وَيَجُوزُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلاَّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمْعَة (٣) فَيَتَعَيَّنُ الْجَامِعُ وَيَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قَبلَ الْفَجْرِ فَإِنْ دَخَلَ بَعْدَهُ بَطَلَ، وَمُعْتَكِفُ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ لاَ يَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ بَعْدَ شُهُودِ الْعِيدِ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَلاَ يَصِحُّ فِي بَيْتِهَا، وَمَنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ المُقامُ خَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الاِعْتِكَافِ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ عَادَ فِي الْفَوْرِ، وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الْقَضَاءِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يُفِدْهُ عَلَى المَشْهُورِ، وَيَحْرُمُ عَلَى المُعْتَكِفِ الاِسْتِمْتَاعُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لاَ عَقْدُ نِكَاحٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(كتاب الحج) (٤)
- يَلْزَمُ كُلَّ مُسْلِمٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ مُسْتطِيعٍ عَلَى الْفَوْرِ (٥) مَرَّةً فِي الْعُمْرِ، وَالاِسْتِطَاعَةُ إِمْكَانُ الْوُصُولِ مَعَ الأَمْنِ
_________
(١) مأخوذ من العكوف وهو اللزوم ومنه قوله تعالى ﴿العاكف فيه والباد - الذي ظللت عليه عاكفًا - لن نبرح عليه عاكفين﴾ هذه حقيقته اللغوية، وحقيقته الشرعية ما ذكره المصنف، واختلف في حكمه فقيل مندوب وقال ابن العربي سنة، وقال ابن عبد البر في الكافي سنة في رمضان وفي غيره جائز والراجح الثاني لمواظبته صلى الله عليه وآلاه وسلم على فعله.
(٢) وأقله يوم وليلة ولا حد لأكثره.
(٣) قوله إلا من تلزمه الجمعة. معناه أنه يجوز الاعتكاف في كل مسجد سواء كان جامعًا أو غيره والجامع هو الذي تقام فيه الجمعة وغيره الذي لا تقام فيه إلا إذا كان المعتكف تلزمه الجمعة أي ذكر حر بالغ عاقل مستوف لشروط الجمعة وكان يوم الجمعة واقعًا في أيام اعتكافه بأن نوى الاعتكاف سبعة أيام أو ثلاثًا أولها الأربعاء أو الخميس أو نوى مدة أكثر من ذلك فلا بد من وقوع الجمعة فيها، فهذا يجب عليه أن يعتكف في المسجد الجامع، فإذا اعتكف في غيره وجب عليه الخروج للجمعة وبطل اعتكافه بمجرد خروجه من المسجد، ويقضيه وجوبًا، أما لو كان اعتكافه أيامًا ليس فيها يوم الجمعة أو كان المعتكف لا تلزمه الجمعة فيجوز اعتكافه في الجامع وغيره.
(٤) الحج لغة القصد، ومن ذلك رجل محجوج أي مقصود وشرعًا القصد إلى مكة للنسك والنسك إما حج وإما عمرة ولكل منهما أركان أي أفعال إذا أداها الحاج أو المعتمر فقد أدى الفرض في الحج والسنة في العمرة وبرئت ذمته من مطالبة الله له بهما.
(٥) هذا قول العراقيين وقاله مالك أيضًا وشهر وعليه لو أخر عن أول سني الاستطاعة فهل يكون قضاء وهو قول ابن القصار أو أداء وهو قول غيره. وقال الماربة هو على التراخي ما لم يخف الفوات وشهر أيضًا ولذا قال خليل في المختصر. وفي المغاربة هو على التراخي الفوات خلاف.
1 / 41