آجال هذا الصنف من العلماء المخلصين سَدَل الزمان على سيرهم ستورهن فلم يكد يوقف لهم على أثر أو خبر، أضف إلى ذلك ما لحق بالتراث الإسلامي عبر القرون من الاعتداء عليه بالنهب أو الحرق، وكل ما أشرت إليه ممكن بالنسبة لإبراهيم بن قيم الجوزية، هذا وقد ذكرت المصادر التي ترجمت له شيئًا يسيرًا من أخلاقه فذكرت أنه كان فاضلًا، وأن له أجوبة مسكتة، وذكرت بعض نوادره، ومن ذلك أنه وقع بينه وبين ابن كثير منازعة في بعض المحافل، فقال له ابن كثير: "أنت تكرهني لأنني أشعري"، فقال له: "لو كان من رأسك إلى قدميك شعر ما صدقك الناس في قولك، إنك أشعريّ وشيخك ابن تيمية".
قلت: وقد استخلصت شيئا من أخلاقه أثناء دراستي شرحه، من ذلك ما يمر في المبحث الخامس عند ذكر تعقبه لبعض النحويين، فقد كان متأثرًا بأخلاق الفضلاء، فكان عف اللسان، يرد بأدب، وكثيرًا ما يكتفي برد القول المخالف من غير تشهير بقائله، وقد جاء عنه قوله: "ولا أحفظ له شاهدًا"، فهذا يدل على التواضع والصراحة التي هي من شيم العلماء.
ج- آثاره العلمية:
من أهم آثار إبراهيم بن قيم الجوزية، هذا الشرح النافع الذي بين أيدينا، وله رسالة صغيرة مطبوعة اسمها: "اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية النميري"، جمع في هذه الرسالة ٩٨ مسألة من مسائل قيل إن شيخ الإسلام ابن تيمية انفرد بها خارقًا بها الإجماع، فقام إبراهيم بن القيم بتتبع هذه المسائل
1 / 27