وجعل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقاتلون عنه حتى قتل منهم سبعون رجلا، وانهزم الباقون، وبقي النبي (صلى الله عليه وآله) وما زال من موضعه شبرا واحدا، وباشر القتال بنفسه، ورمى (صلى الله عليه وآله) حتى فنيت نباله، وكان تارة يرمي بقوسه وتارة يرمي بالحجارة.
وأصاب عتبة بن أبي وقاص بشفتيه ورباعيته، وضرب ابن قمية على كريمته الشريفة، فلم يصنع سيفه شيئا إلا وهن الضربة بثقل السيف، ثم وقع (صلى الله عليه وآله) في حفرة مغشيا عليه وحجب الله أبصار المشركين عنه، وصاح صائح بالمدينة: قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاختلفت(1) القلوب وخرجت فاطمة صلوات الله وسلامه عليها صارخة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لما انهزم الناس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحقني من الجزع ما لم أملك نفسي، وكنت أمامه أضرب بسيفي المشركين، فرجعت أطلبه فلم أره، فقلت: ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليفر، وما رأيته في القتلى وأظنه رفع من بيننا إلى السماء.
فكسرت جفن سيفي وقلت: لاقاتلن به حتى اقتل، وحملت على القوم فأفرجوا، فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) قد وقع مغشيا عليه، فنظر إلي وقال: ما فعل الناس يا علي؟ فقلت: كفروا يا رسول الله وولوا الدبر وأسلموك إلى عدوك، فنظر إلى كتيبة قد أقبلت فقال: ردهم عني، فحملت عليهم أضربهم يمينا وشمالا حتى قتلت منهم هشام بن امية المخزومي وانهزم الباقون.
وأقبلت كتيبة اخرى فقال لي (صلى الله عليه وآله): احمل على هذه، فحملت عليهم وقتلت منهم عمر بن عبد الله الجمحي وانهزموا أيضا، وجاءت اخرى فحملت عليها وقتلت منها بشر بن مالك العامري وانهزموا.
Bogga 61