هولا عظيما فقتله، وقال عمر بن الخطاب: مررت بالعاص بن سعيد يوم بدر فرأيته يبحث برجله للقتال كما يبحث الثور بقرنه، وإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ، فهبته ورعت(1) عنه، فقال لي: إلى أين يا ابن الخطاب؟ فقال له علي (عليه السلام): دعه وخذني إليك يا ابن العاص، قال عمر: فاختلفا ضربا فما برحت من مكاني حتى قتله علي (عليه السلام)(2).
إذا اشتبكت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى
ثم برز إليه حنظلة بن أبي سفيان، فلما دنا منه ضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) ضربة بالسيف أسالت عينيه، ولزم الأرض قتيلا.
ثم برز إليه طعمة بن عدي فقتله، ثم برز إليه نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش، وكانت تعظمه وتقدمه وتطيعه، وكان قد قرن أبا بكر وطلحة قبل الهجرة بمكة في قرن واحد، وأوثقهما بحبل وعذبهما يوما إلى الليل حتى سئل في أمرهما.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما عرف بحضور نوفل بدرا: اللهم اكفني نوفلا، فقصده أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم ضربه بالسيف، فنشب في بيضته، فانتزعه ثم ضرب به ساقه وكانت درعه مشمرة فقطعها، ثم أجهز عليه فقتله، فلما عاد إلى النبي (صلى الله عليه وآله) سمعه يقول: من له علم بنوفل؟ فقال علي (عليه السلام): أنا قتلته يا رسول الله، فكبر النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: الحمد لله الذي أجاب دعوتي(3).
ولم يزل علي (عليه السلام) يقتل واحدا بعد واحد من أبطال المشركين حتى قتل بانفراده نصف المقتولين، وقتل المسلمون كافة وثلاثة آلاف من الملائكة
Bogga 58