قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب؟ قال: وأنى يعدل بي عنه، وهل لقحت حرة بمثله ، قالوا: فلو بعثت إليه، قال: هيهات، هناك [شيخ من بني](1) هاشم ولحمة من الرسول وأثرة من علم يؤتى لها ولا تأتي، امضوا إليه.
فأفضوا إليه وهو في حائط له عليه ثياب، يتوكأ على مسحاته وهو يقول: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى} (2) ودموعه تهمل على خديه، فأجهش القوم لبكائه، ثم سكن وسكنوا وسأله عمر عن مسألته، فأصدر جوابها، فلوى عمر يديه ثم قال: أما والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك، فقال له: يا أبا حفص عليك من هنا ومن هنا(3)، ان يوم الفصل كان ميقاتا، فانصرف وقد أظلم وجهه، كأنما ينظر من ليل(4).
وقد عرفت قول النبي (صلى الله عليه وآله): لمبارزة علي بن أبي طالب عمر بن عبدود العامري أفضل من عمل امتي إلى يوم القيامة(5).
ولقد نقل المؤرخون ان مبارزاته كانت اثنين وسبعين مبارزة، فإذا فكر العاقل ان قسما واحدا من أصل اثنين وسبعين قسما من أصل خمسة أقسام وهي العبادات الخمس ، من أصل قسمين وهي العمل والعلم لأن العلم أيضا عمل نفساني أفضل من عمل الامة إلى يوم القيامة عرف من ذلك أنه مجهول القدر، وإذا كان أعبد الناس كان أفضلهم، فتعين أن يكون هو الإمام بعد النبي (صلى الله عليه وآله).
Bogga 26