" عكا * واستولى عليها عنوة بعد قتال مرير، فدب الفزع فى قلوب باقى الفرنجة وأخلوا بيروت وصور وصيدا وعثليث وغيرها من الشريط الذى كانوا يحتلونه على ساحل البحر المتوسط ، وهكذا * اتفق لهذا السلطان من السعادة ما لم يتفق لغيره من فتح هذه البلاد العظيمة الحصينة بغير قتال ولا تعب ، وأمر بها فخريت عن آخرها وتكاملت بهذه الفتوحات جميع البلاد الساحلية للإسلام ، وكان أمرأ لا يطمع فيه ولا يرام ، وتطهر الشام والسواحل من الفرنج بعد أن كاتوا قد أشرفوا على أخذ الديار المصرية وعلى ملك دمشق وغيرها من الشام . فلله الحمد والمثة على ذلك * (1) وكان ذلك سنة69ه- 1291م وعاش * ابن الاكفانى * وسط الفرحة التى عمت بلاد المسلمين ، ولكنها لم تدم طويلا ققد تآمر كبار آمراء المماليك وتمكنوا من قتل السلطان الأشرف وهو فى رحلة صيد فى أواثل المحرم سنة 693ه ، ولما لم يكن فى وسع أحدهم أن يقهر الآخرين ، ويستولى على الملك ، ويلزمهم بطاعته فقد اضطروا حسمأ للنزاع المؤقت بينهم إلى الاتفاق على تولية الأمير محمد ابن السلطان قلاون سلطنة مصر والشام ، وكان طفلا فى التاسعة من عمره ، وكان كل آمير منهم ينى نفسه أن يستطيع التخلص منه ، وأن ينصب نفسه سلطانأ نى أول فرصة تتاح له.
وكثرت الدسائس والفتن وازداد التناحر بين كبار أمراء المماليك حتى استطاع أحد الأمراء عزل هذا الغلام ، وتولية تفسه سلطانا باسم السلطان العادل كتبفا 6941د - 1294م) ، ولم يلبث أن ثار عليه فريق آخر من الأمراء ففر إلى دمشق ، وبايع الأمراء المنتصرون سلطانا آخر باسم السلطان المنصور لاچين 6961ه - 1296م) وهكذا كانت الفوضى سائدة فى جميع بلاد مصر والشام وكثرت الاضطرابات والفقن والمنازعات بين طوائف المماليك وأمرائهم . فلا يكاد ينتشر الخبر بمرض سلطان أو وفاته او مقتله حتى تغلق الحوانيت ، ويختزن الناس الطعام ، ويستعدون لفترة عصيبة يتزعزع فيها الأمن ، وتقل المؤن ، وتضطرب الحياة الاقتصادية (12.
(1) كتاب الختصر فى أخبار البشر. لاب الفدا عماد الدين إساعيل ، ج4 ص24 -25.
(2) كتاب : الأيويون والمماليك فى مصر والشام ، تأليف سعيد عاشور، ص 283.
Bogga 17