رَجَعْتُ إِلَى مِصْرَ وَأَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خُرَاسَانَ، أَقَمْتُ ثَانِيًا عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ الْحَافِظِ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ الْمُزَنِيِّ، فَكُلَّمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِمَّا خَالَفَ الشَّافِعِيَّ جَعَلَ أَبُو زُرْعَةَ يَبْتَسِمُ، وَيَقُولُ: لَمْ يَعْمَلْ صَاحِبُكَ شَيْئًا فِي اخْتِيَارِهِ لِنَفْسِهِ، لَا يُمْكِنْهُ الِانْفِصَالَ فِيمَا ادَّعَى قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، وَمَا جَالَسْتُهُ إِلَّا يَوْمَيْنِ، وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ؟ فَلَمَّا خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَيْهِ، أَمَرْتُهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ،، فَبَكَى، وَقَالَ: مُعَاذَ اللَّهِ. لَمْ يَرْوِ مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ عَنِ الْمُزَنِيِّ إِلَّا ابْنُ أُخْتِهِ الطَّحَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ الْحَافِظِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الشُّرُوطِيَّ يَقُولُ: قُلْتُ لِلطَّحَاوِيِّ: لِمَ خَالَفْتَ خَالَكَ وَاخْتَرْتَ مُذْهِبَ أَبِي حَنِيفَةَ؟ قَالَ: لِأَنِّي كُنْتُ أَرَى خَالِي يُدِيمُ النَّظَرَ فِي كُتُبِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَلِذَلِكَ انْتَقَلْتُ إِلَيْهِ