بالسلطان وعن موكب الختان، فحكى له إلى أن قال له: ولما دخلنا مجلس السلطان للاجتماع معه وكان المجلس في غاية الاتساع، فأخذ كل منا مجلسه والسلطان بعد لم يحضر، والحاضرون كل منهم لا يعرف الآخر، وكل منهم يظن أن الحاضرين على غير لغته، فضاق صدري لذلك ولم أدر ما أفعل، إلى أن رأيت إنسانًا عليه الهيبة والوقار، قد نظر إلى الخادم وقال: اسقني ماء مع أنه لم يرد ذلك، ولكن أراد أن يفتح للحاضرين باب معرفة في بعضهم مع بعض فعرفه الحاضرون بأنه عربي، فقمت إليه وقعدت بجانبه، وتكلمت معه، وعرف كل من الحاضرين من يفهم عليه، وانضم إليه، واشتغل كل منهم بالمذاكرة مع من يأنس به ويفهم لغته، وكان أصل ذلك هذا الِإنسان فاستسميته، فقال: أنا من
الشَّام، واسمي حسن البيطار وهو المترجم المذكور، واستسماني، ونلنا بعضنا مع بعض في هذا المجلس وبعده غاية الإنس والتهاني، ووجدته عالمًا فاضلًا، وشهمًا كاملًا، ومدح وأطنب، وأطال وأسهب. اهـ.
ولم يزل هذا المترجم في الآستانة مُعظمًا مُبجلًا، مُكرمًا مفضلًا، إلى أن حصل لهم الِإذن الشريف بالعود إلى الوطن، مقلدين قلائد الفضل والمنن، وكان يوم السفر من الاستانة يومًا مشهودًا، وموكبًا للاجتماع مقصودًا، اجتمع فيه للوداع السادات والأكابر، وذوو المراتب والمفاخر، وكان يوم في خوله إلى الشَّام يوم اجتماع وسرور، وهناء وحبور، كاد أن يقال: ما بقي في الشَّام إنسان، إلاَّ وقد خرج لاستقبال هذا الحبر المُصان، وكانت مدة سفره أربعة أشهر؛ لأنه بدأ السفر في ثامن رمضان سنة ألف ومائتين وثلاث وستين، وانتهى سفره ثامن محرم الحرام سنة أربع وستين.
وكان ﵁ مُواظبًا على التَّهجد وصلاة الفجر في الوقت
1 / 12