Irshad Caql Salim
تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
Daabacaha
دار إحياء التراث العربي
Goobta Daabacaadda
بيروت
قلب وفراغ جنان فبينما أنا في هذا الخيال إذ بدا لي ما لم يخطر بالبال تحولت الأحوال والدهر حول فوقعت في أمر أشق من الأول أمرت بحل مشكلات الأنام فيما شجَرَ بينهم من النزاع والخصام فلقيت معضلة طويلة الذيول وصرت كالهارب من المطر إلى السيول فبلغ السيل الزبى وغمرني أي غمر غوارب ما جرى بين زيد وعمرو فأضحيت في ضيق المجال وسعة الأشغال أشهر ممن يضرب بها الأمثال فجعلت اتمثل بقول من قال
لقد كنت أشكوك الحوادث برهة
وأستمرض الأيام وهي صحائح ... إلى أن تغشتني وقيت حوادث
تحقق أن السالفات منائح
فلما أنصرمت عرى الآمال عن الفوز بفراغ البال ورأيت أن الفرصة على جناح الفوات وشمل الأسباب في شرف الشتات وقد مسنى الكبر وتضاءلت القوى والقدر ودنا الأجل من الحلول وأشرفت شمس الحياة على الأفول عزمت على إنشاء ما كنت أنويه وتوجهت إلى إملاء ما ظلت أبتغيه ناويا أن أسميه عند تمامه بتوفيق الله تعالى وإنعامه إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم فشرعت فيه مع تفاقم المكاره على وتزاحم المشادة بين يدى متضرعا إلى رب العظمة والجبروت خلاق عالم الملك والملكوت في أن يعصمني عن الزيغ والزلل ويقيني مصارع السوء في القول والعمل ويوفقني لتحصيل ما أرومه وأرجوه ويهديني إلى تكميله على أحسن الوجوه ويجعله خير عدة وعتاد أتمتع به يوم المعاد فيامن توجهت وجوه الذل والإبتهال نحو بابه المنيع ورفعت أيدى الضراعة والسؤال إلى جنابه الرفيع أفض علينا شوارق أنوار التوفيق وأطلعنا على دقائق أسرار التحقيق وثبت أقدامنا على مناهج هداك وأنطقنا بما فيه أمرك ورضاك ولا تكلنا إلى أنفسنا في لحظة ولا آن وخذ بناصيتنا إلى الخير حيث كان جئناك على جباه الإستكانة ضارعين ولأبواب فيضك قارعين أنت الملاذ في كل أمر هم وانت المعاذ في كل خطب مُلم لا رب وغيرك ولا خير إلا خيرك بيدك مقاليد الأمور لك الخلق والأمر وإليك النشور
1 / 6