Irshad al-Fuhul

Al-Shawkani d. 1250 AH
78

Irshad al-Fuhul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Baare

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٩م

في قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾ ١ أَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ مِنَ الصَّفَا، مِنْ دُونِ أَنْ يَسْأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عن ذلك، ولكنهم سألوه فقال: "ابدأوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ" ٢. وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالتَّرْتِيبِ، بِمَا صَحَّ أَنَّ خَطِيبًا قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ عَصَاهُمَا فَقَدْ غَوَى"، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ، قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" ٣. وَلَوْ كَانَ الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لَمَا افْتَرَقَ الْحَالُ بَيْنَ مَا عَلَّمَهُ الرَّسُولُ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا: بأنه إنما أمره ﷺ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ اعْتِقَادَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَمَرَهُ بِعَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي ضَمِيرٍ وَاحِدٍ تَعْظِيمًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْقَائِلُونَ بِإِفَادَةِ الْوَاوِ لِلتَّرْتِيبِ بِشَيْءٍ يَصْلُحُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ، وَيَسْتَدْعِي الْجَوَابَ عَنْهُ. وَكَمَا أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ مِنْ دُونِ تَرْتِيبٍ وَلَا مَعِيَّةٍ، فَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَإِذَا وَرَدَتْ لِغَيْرِ تَعْقِيبٍ فَذَلِكَ لِدَلِيلٍ آخَرَ، مُقْتَرِنٌ مَعْنَاهُ بِمَعْنَاهَا. وَكَذَلِكَ "فِي" لِلظَّرْفِيَّةِ إِمَّا مُحَقَّقَةٌ أَوْ مُقَدَّرَةٌ. وَكَذَلِكَ "مِنْ" تَرِدُ لِمَعَانٍ. وَكَذَلِكَ "الْبَاءُ" لَهَا مَعَانٍ مُبَيَّنَةٌ فِي عِلْمِ الْإِعْرَابِ، فَلَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى التَّطْوِيلِ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ، الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِتَطْوِيلِ الْكَلَامِ فِيهَا كَثِيرُ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ قَدْ عرفت من ذلك العلم. وَلْنَشْرَعُ الْآنَ بِعَوْنِ اللَّهِ وَإِمْدَادِهِ وَهِدَايَتِهِ وَتَيْسِيرِهِ في المقاصد فنقول:

١ جزء من الآية "١٥٨" من سورة البقرة. ٢ أخرجه مسلم من حديث جابر مطولًا، كتاب الحج، باب حجة النبي ﷺ "١٢١٨". وأبو داود، كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي ﷺ "١٩٠٥". وابن ماجه، كتاب المناسك باب حجة رسول الله ﷺ "٣٠٧٤". وابن خزيمة في صحيحه "٢٧٥٧". والبيهقي في السنن كتاب الحج "٥/ ٩٣". وابن حبان في صحيحه "٣٩٤٤". ٣ أخرجه مسلم من حديث عدي بن حاتم، كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة وخطبتها "٨٧٠". والنسائي، كتاب الجمعة، باب ما يكره في الخطبة "٣٢٧٩" ٦/ ٩٠. وأبو داود. كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس "١٠٩٩". والحاكم في المستدرك، كتاب الجمعة "١/ ٢٨٩" وقال: حديث صحيح. وابن حبان في صحيحه "٢٧٩٨". وأخرجه الإمام أحمد "٤/ ٣٧٩".

1 / 82