41

Irshad al-Fuhul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Baare

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٩م

وَإِنْ كَانَ الْوَاضِعُ الْبَشَرَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ خُطُورَ ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالْبَالِ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا يَخْطُرُ بِبَالِ الْوَاحِدِ مِنَّا أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بَاسْمٍ خَاصٍّ.
وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ السَّادِسِ: عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنَ الْوَقْفِ: بِأَنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْقَائِلُونَ لَا يُفِيدُ شَيْءٌ مِنْهَا الْقَطْعَ، بَلْ لَمْ يَنْهَضْ شَيْءٌ مِنْهَا لِمُطْلَقِ الدَّلَالَةِ، فَوَجَبَ عِنْدَ ذَلِكَ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ هُوَ مِنَ التَّقَوُّلِ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَمْ يقل، وأنه باطل. وهذا هو الحق.
المبحث الثالث: عن الْمَوْضُوعُ
...
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: عَنِ الْمَوْضُوعِ
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفَرْدُ الْوَاحِدُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ لَا يَسْتَقِلُّ وَحْدَهُ، بِإِصْلَاحِ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فِي ذَلِكَ مِنْ جَمْعٍ، لِيُعِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى تَعْرِيفِ صَاحِبِهِ بِمَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الْحَاجَاتِ، وَذَلِكَ التَّعْرِيفُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِطَرِيقٍ مِنْ أَصْوَاتٍ مُقَطَّعَةٍ، أَوْ حَرَكَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَجَعَلُوا الْأَصْوَاتَ الْمُقَطَّعَةَ هِيَ الطَّرِيقَ إِلَى التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ أَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَقَلُّ مُؤْنَةً، وَلِكَوْنِ إِخْرَاجِ النَّفَسِ أَمْرًا ضَرُورِيًّا، فَصَرَّفُوا هَذَا الْأَمْرَ الضَّرُورِيَّ إِلَى هَذَا التَّعْرِيفِ، وَلَمْ يَتَكَلَّفُوا لَهُ طَرِيقًا أُخْرَى غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ، مَعَ كَوْنِهَا تَحْتَاجُ إِلَى مُزَاوَلَةٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْحَرَكَاتِ وَالْإِشَارَاتِ قَاصِرَةٌ عَنْ إِفَادَةِ جَمِيعِ مَا يُرَادُ فَإِنَّ مَا يُرَادُ تَعْرِيفُهُ قَدْ لَا تُمْكِنُ الْإِشَارَةُ الْحِسِّيَّةُ إِلَيْهِ كَالْمَعْدُومَاتِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا: فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةَ هِيَ كُلُّ لَفْظٍ وُضِعَ لِمَعْنًى.
فَيَخْرُجُ مَا لَيْسَ بِلَفْظٍ مِنَ الدَّلَائِلِ الْمَوْضُوعَةِ، وَمَا لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ مِنَ الْمُحَرَّفَاتِ، وَالْمُهْمَلَاتِ، وَيَدْخُلُ فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدَاتُ، وَالْمُرَكَّبَاتُ السِّتَّةُ، وَهِيَ الْإِسْنَادِيُّ، وَالْوَصْفِيُّ، وَالْإِضَافِيُّ، وَالْعَدَدِيُّ، وَالْمَزْجِيُّ، وَالصَّوْتِيُّ.
وَمَعْنَى الْوَضْعِ يَتَنَاوَلُ أَمْرَيْنِ: أَعَمَّ وَأَخَصَّ، فَالْأَعَمُّ: تَعْيِينُ اللَّفْظِ بِإِزَاءِ مَعْنًى، وَالْأَخَصُّ: تَعْيِينُ اللَّفْظِ للدلالة على معنى.
المبحث الرابع: عن الْمَوْضُوعُ لَهُ
...
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: عَنِ الْمَوْضُوعِ لَهُ
قَالَ الْجُوَيْنِيُّ وَالرَّازِيُّ وَغَيْرُهُمَا: إِنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِلصُّورَةِ الذِّهْنِيَّةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الذِّهْنِ وَالْخَارِجِ، أَوْ فِي الذِّهْنِ فَقَطْ.

1 / 45