Irshad al-Fuhul

Al-Shawkani d. 1250 AH
17

Irshad al-Fuhul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Baare

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٩م

قَالَ الْمُحَقِّقُ الشَّرِيفُ١: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْكَشْفِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَ، وَالْمَعْدُومَ، وَالْمُمْكِنَ، وَالْمُسْتَحِيلَ، بِلَا خِلَافٍ، وَيَتَنَاوَلُ الْمُفْرَدَ، وَالْمُرَكَّبَ، وَالْكُلِّيَّ، وَالْجُزْئِيَّ، وَالتَّجَلِّي هُوَ الِانْكِشَافُ التَّامُّ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ صِفَةٌ يَنْكَشِفُ بِهَا لِمَنْ قَامَتْ بِهِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُذْكَرَ، انْكِشَافًا تَامًّا لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ. فَيَخْرُجُ عَنِ الْحَدِّ الظَّنُّ، وَالْجَهْلُ الْمُرَكَّبُ، وَاعْتِقَادُ الْمُقَلِّدِ الْمُصِيبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عُقْدَةٌ عَلَى الْقَلْبِ، فَلَيْسَ فِيهِ انْكِشَافٌ تَامٌّ، وَانْشِرَاحٌ يَنْحَلُّ بِهِ الْعُقْدَةُ انْتَهَى. وَفِيهِ: أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ إدراك الحواس، فإنه لا مدخلية للمذكور فِيهِ، إِنْ أُرِيدَ بِهِ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَتَنَاوَلُ الذِّكْرَ بِكَسْرِ الذَّالِ، وَالذُّكْرَ بِضَمِّهَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ "مَعْنَيَيِ"* الْمُشْتَرَكِ، أَوْ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَكِلَاهُمَا مَهْجُورٌ فِي التَّعْرِيفَاتِ. هَذَا جُمْلَةُ مَا قِيلَ فِي تَعْرِيفِ الْعِلْمِ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا وَرَدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا. وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُقَالَ فِي تَحْدِيدِهِ: هُوَ صِفَةٌ يَنْكَشِفُ بِهَا الْمَطْلُوبُ، انْكِشَافًا تَامًّا، وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ. وَإِذَا عَرَفْتَ مَا قِيلَ فِي "حَدِّ الْعِلْمِ"** فَاعْلَمْ أَنَّ مُطْلَقَ التَّعْرِيفِ لِلشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ اسْمِيًّا، فَالْحَقِيقِيُّ تَعْرِيفُ الْمَاهِيَّاتِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَالِاسْمِيُّ تَعْرِيفُ الْمَاهِيَّاتِ الِاعْتِبَارِيَّةِ. وَبَيَانُهُ أَنَّ مَا يَتَعَقَّلُهُ الْوَاضِعُ لِيَضَعَ بِإِزَائِهِ اسْمًا إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَاهِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ أَوْ لَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَقَّلُهُ نَفْسَ حَقِيقَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ وُجُوهًا وَاعْتِبَارَاتٍ مِنْهُ، فَتَعْرِيفُ الْمَاهِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ بِمُسَمَّى الِاسْمِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَاهِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ تَعْرِيفٌ حَقِيقِيٌّ، يُفِيدُ تَصَوُّرَ الْمَاهِيَّةِ فِي الذِّهْنِ بِالذَّاتِيَّاتِ، كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ بِالْعَرَضِيَّاتِ، أَوْ "بِالْمُرَكَّبِ"*** مِنْهُمَا، وَتَعْرِيفُ مَفْهُومِ الِاسْمِ وَمَا تَعَقَّلَهُ الْوَاضِعُ. فَوَضَعَ الِاسْمَ بِإِزَائِهِ تَعْرِيفٌ اسْمِيٌّ، يُفِيدُ تَبْيِينَ مَا وُضِعَ الِاسْمُ بِإِزَائِهِ بِلَفْظٍ أَشْهَرَ. فَتَعْرِيفُ الْمَعْدُومَاتِ لَا يَكُونُ إِلَّا اسْمِيًّا؛ إِذْ لَا حَقَائِقَ لَهَا بَلْ لَهَا مَفْهُومَاتٌ فَقَطْ، وَتَعْرِيفُ

* في "أ": معنى. ** في "أ": تعريفه. *** في "أ": بالمركبات. _________ ١ هو علي بن محمد، المعروف بالسيد الشريف، الجرجاني، ولد في جرجان سنة أربعين وسبعمائة هـ، وهو فارس في البحث والجدل، من كبار علماء العربية، توفي سنة ست عشرة وثمانمائة هـ، من آثاره: "شرح مواقف الإيجي"، "حاشية على شرح الشمسية في المنطق"، "التعريفات". ا. هـ كشف الظنون "١٢/ ١١٨٩١". هدية العارفين "١٢/ ٧٢٨"، الأعلام "٥/ ٧".

1 / 21