Irshad al-Faqih ila Ma'rifat Adillat al-Tanbih
إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه
Baare
بهجة يوسف حمد أبو الطيب
Daabacaha
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
Goobta Daabacaadda
بيروت - لبنان
Noocyada
وذلكَ من فضلِ اللهِ ورحمتِهِ على الناس ولكن أكثرَهمْ لا يَعلمون.
وكانَ من هؤلاءِ العلماءِ الأعلامِ الذين تعهَّدَ اللهُ بهم دينَهُ وأمّتَهُ الإمامُ الكبيرُ الشيخُ أبو إسحاقَ الشيرازيُّ: إبراهيمُ بنُ عليِّ بنِ يوسفَ الفيروزأبادي وهي قريةٌ من قرى فارسٍ، وقيلَ: هي مدينةُ خُوارزم، شيخُ الشافعّيةِ ومُدَرّسُ النظامّيةِ ببغداد كما وَرَدَ في البداية والنهاية للشارحِ الإمام ابن كَثير ﵀ (١٢/ ١٢٤)، تفقّهَ على أبي عبد اللهِ البَيْضاوِيِّ بفارس، ثُمَّ قَدِمَ بغدادَ عامَ خمسَ عشرةَ وأربعمائةٍ، فَتَفَقّهَ على القاضي أبي الطيِّب الطّبَريِّ، وسمعَ الحديثَ من ابن شاذان والبَرقانيِّ وكان زاهدًا عابِدًا وَرِعًا كبيرَ القدر مُعَظَّمًا مُحترمًا، إمامًا في الفقهِ والأصولِ والحديثِ وفنونٍ كثيرةٍ، ولَهُ المُصَنَّفاتُ الكثيرةُ النافعةُ، كيف لا؟، وهو صاحبُ المُهَذَّبِ في المَذْهب، وكتابِ التنبيهِ هذا، ولهُ أيضًا كتابُ النُّكتِ في الخلافِ واللمعِ في أصولِ الفقهِ، وكتابُ التبصرةِ، وطبقاتُ الشافعيةِ وغير ذلك، ولو لمْ يكنْ له إلا كتابُ المهذّبِ أو التنبيهِ لكفاهُ فضلًا وعلَمًا، حيث أصبحَ عَلمًا عليهِ حتى قيلَ لهُ: صاحبُ المهذَّبِ أو التنبيهِ، وذلك لما أولاه العلماءُ من بعدهِ من اهتمامٍ وتقديرٍ لهما، يتجلّى ذلكَ في كثرةِ وجلالة من تَناولَهما بالشرحِ والتعليقِ، وبيانِ أهميتها لا سّيما في المذهب الشافعيِّ الذي اعتُبِرَتْ فيهِ كأساسٍ للبنيانِ الفقْهيِّ فيهِ، فقد شرحَ المهذّبَ الإمامُ المُحدِّثُ الورعُ النواويُّ ﵀ ولمْ يتمَّهُ بَلْ وصلَ فيهِ إلى الحجِّ أو الرّبا ثمَّ أتمَّهُ العلماءُ من بعدِهِ وسمّاه (المجموعَ) وهو من أجلِّ الكتبِ وأنفعِها في الفقهِ والحديثِ والأصولِ، وقد وصفَهُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنهايةِ (١٣/ ٢٨٩) بقولِه: وممّا لم يُتمّهُ ولو كمُلَ لم يكنْ لَهُ نظيرٌ في بابهِ: شرحُ المهذَّبِ الذي سماهُ (المجموعَ) وصَلَ فيهِ إلى كتاب الرِّبا، فأبدَعَ فيهِ وأجادَ وأفادَ وأحسنَ الانتقادَ، وحرَّرَ الفقهَ فيهِ في المذهبِ وغيرِهِ، وحرَّرَ الحديثَ على ما ينبغي وغير ذلكَ ولا أعرفُ في كتبِ الفقهِ أحسنَ منهُ. انتهى كلامهُ.
قلتُ: وأما كتابُنا الذي نحنُ بصدد التنويهِ بهِ والتعريفِ وبيانِ أهميتهِ وفضلِهِ، فقد كانَ لهُ من الشُّهرةِ والمنزلةِ عندَ العلماءِ نظيرُ ما كان للمهذَّبِ أو قد يزيدُ عليهِ، فقد كانَ الطلبةُ من أهلِ العلمِ وكبارِ العلماءِ يحفظونَهُ عن ظهرِ قلبٍ في بدايةِ حياتهم
1 / 6