152

Irshaad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Noocyada

Suufinimo

وسئل الثوري عن الأخوة في الله. فقال: (يا أخي تلك طريق نبت عليها العوسج) فأشار العبد الصالح إلى أن الصحبة مسنونة، إلا أنها في زماننا مضمحلة مهجورة ؛ فإن العوسج لا ينبت في الطريق المسلوكة إلا إذا هجرت، وهي في زماننا هذا أدهى وأمر، وأشد وأضر.

وعن حامد اللفاق(1) (لا تنبسط في هذا الزمان إلى أحد، فإن قدر الشيء [وهو الشر] قد رسخ في القلوب، ولا تسترسل قلبك إلى الإخوان، فإنهم سريعو الانقلاب، وإن قربك أقرب الإخوان فكن منه على مثل حد السنان).

وليس هذا إلا انهم خبروا من تغير الزمان ما أبان لهم محك الإخوان، وإن اختبرت إخوانك عند تقلب الأحوال، من الرضاء والغضب، والقناعة والطمع، والعسر واليسر وأشباه ذلك، أطللت على فن كبير، وعلم غزير مما ذكرت لك.

وعن سفيان الثوري قال: دخلت على جعفر بن محمد الصادق فقلت: يا ابن رسول الله مالي أراك قد اعتزلت الناس ؟ فقال: يا سفيان فسد الزمان، وتغير الإخوان فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد، وانشأ يقول:

ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب والناس بين مخاتل وموارب

يفشون بينهم المودة والصفاء وقلوبهم محشوة بعقارب

إدريس بن محمد القاضي(2) قاضي الصغانيات قال: كان ببغداد رجل ينادم الحائط، فقيل له في ذلك، فقال: لأنه يكتم سري، ولا يعربد علي، وأبزق في وجهه متى شئت، وأنشد:

سأشرب وحدي من مخافتي الأذى كراهة ضرب أو سباب لئيم

ثم قال: (الوحدة خير من جليس صالح. فقيل له: إنما قيل: الوحدة خير من الجليس السوء) فقال: إن الوحدة لا تتغير، والجليس الصالح يتغير. وأنشأ يقول:

ليت السباع لنا كانت مؤاخية وأننا لا نرى ممن نرى أحدا

إن السباع لتهدا في مرابضها والناس ليس بهاد شرهم أبدا

Bogga 156