129

Iqaz Uli Himam

إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

Noocyada

Suufinimo

يا جابر، إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها، ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليها، ولم يصمهم عن ذكر ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار.

إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك.

قوالين بحق، قوامين بأمر الله، فأنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت منه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء، واحفظ الله تعالى ما استرعاك من دينه وحكمته.

قال بعضهم: فكر في ذنبك ، وتب إلى ربك، ينبت الورع في قلبك، واقطع الطمع إلا من ربك، ذم مولانا الدنيا فمدحناها، وأبغضها فأحببناها، وزهدنا فيها فآثرناها، ورغبنا في طلبها، دعتكم إلى هذه الغرارة دواعيها فأجبتم مسرعين مناديها خدعتكم بغرورها تتمرون في زهراتها وزخارفها، قال الله جل وعلا: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا}.

أتى الحسن بكوز من ماء ليفطر عليه فلما أدناه إلى فيه بكى، وقال: ذكرت أمنية أهل النار، قولهم: {أفيضوا علينا من الماء}، وذكرت ما أجيبوا به: {إن الله حرمهما على الكافرين}.

وقال كعب الأحبار: لأن أبكي من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلي من أتصدق بوزني ذهبا.

وعن إبراهيم بن الأشعث قال: كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكي حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر.

فيجلس فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.

وكان يقول: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحا، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف.

Bogga 130