المستتر في كل من جزئي التوراة:
ولهذا نرى أن كلا من منهج العهد القديم ومنهج العهد الجديد، إما أنهما متكاملان أو متبادلان أو أنه لا مفر من الاعتراف بأنه لا ينبغي أن يحكم كل منهج منهما مستقلا عن الآخر إلا مجموعة محدودة من البشرية أو مرحلة معينة من التاريخ. والإنجيل - وهو يقدم لنا الوحدة التى لا تنفصم لآبائنا الأولين كمثل أعلى يبدو - أنه يقبل السلوك الواقعي القاسي من الذين لا يعرفون كيف يرتبون الأمور بطرق أخرى (^١) والتوراة من جانبها - التي كثيرا ما تطالب بقانون النفس بالنفس والجرح بالجرح - تدعونا أحيانا إلى العفو عن المعتدي، وعدم الثأر من غيرنا (^٢).
والقاعدة الأخلاقية الصحيحة إذن هي التي تضمنها كل من الكتابين المقدسين بحيث احتوى كل منهما على جزء منها وترك الجزء الآخر مستترا إلى حد ما.
التركيب القرآني:
ولقد تولى القرآن الكريم إعلان هذه القاعدة الكاملة واعتنى كل العناية بتوضيح عنصريها وإبراز قيمة كل عنصر في ذاته فيقول: ﴿وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللهِ﴾
[النحل ١٢٦ - ١٢٧] هذا ما يتعلق بالقصاص والعفو. أما فيما يختص بالطلاق