Faafidda Xarafka Carabiga
انتشار الخط العربي: في العالم الشرقي والعالم الغربي
Noocyada
فالإسلام هو السبب الوحيد في انتشار الخط العربي، إن لم نقل هو محييه ورافعه إلى أوج الظهور، حتى انتشر هذا الانتشار العظيم بين الأمم الإسلامية وغيرها في آسيا وأفريقيا وأوروبا حتى بلغت حدوده من أقاصي الهند وأرخبيل الملايو (ماليزيا) شرقا إلى أقصى بلاد المغرب وبحر الأدريتيك غربا، ومن أعلى تركستان وأواسط روسية أوروبا شمالا، إلى أدنى زنجبار جنوبا، وقد تخطى الآن خضمات الأقيانوس، وبلغ إلى قارة أمريكا وغيرها من جزر البحار، فهو يضم بين دفتيه أمما لا تحصى، مختلفة الأجناس والعادات، متعددة اللغات واللهجات، كالعرب والأتراك والفرس والهنود والملايو والأفغان والتتر والأكراد والمغول والبربر وأهل السودان والزنوج والساحليين وغيرهم، ويظل تحت رايته من 200 مليون إلى 250 مليونا من الأنفس، ما عدا أكثر من مائة مليون من المسلمين يكتبون به في اللغة العربية نصوص الدين كالقرآن وغيره، مما هو أثر باق لذلك التمدن العظيم. (2) التمدن الإسلامي وسواه
فالتمدن الإسلامي لو قلنا: إنه لم يخلف مثل ما خلفه التمدن المصري القديم من الآثار البنائية كالهياكل والأهرام والبرابي والمسلات، ولا مثل ما خلفه التمدن البابلي والأشوري (الأثوري) من الخرائب والأطلال القرميدية والآثار البنائية، ولا مثل ما خلفه التمدن اليوناني والروماني من الآثار الفكرية والسياسية والبنائية كالمسارح والميادين، وغيرها من المصنوعات المحسوسة، وضربنا صفحا عن الآثار العظيمة الإسلامية البنائية وغير البنائية كالجوامع والأبنية العربية العديدة، وغيرها من آثاره في الشرق والغرب، فإنه خلف آثارا معنوية مطبوعة في النفوس تناقلتها الأمم عنه، فتوارثها الخلف عن السلف والأبناء عن الآباء، كأنه وسم الأمم التي دخلت في سلطانه بسمات خالدة أهمها الدين واللغة ثم الخط، فبعض الأمم وسم بالسمات الثلاث معا، كمسلمي مصر والشام والعراق وبلاد المغرب وغيرها، فضلا عن جزيرة العرب، وبعضها وسم بالسمتين: الدين والخط، كالترك والفرس ومسلمي الهند والملايو وغيرهم مما هو موضوع بحثنا في هذا الكتاب، والبعض الآخر وسم بسمتي اللغة والخط دون الدين، وهؤلاء هم أهل الذمة في العالم العربي، والبعض الآخر وسم بسمة الدين فقط كمسلمي الصين.
2
هذا، وإن يكن للتمدن الروماني سمات تشبه هذه السمات قد وسم بها بعض أمم أوروبا وأمريكا، ونعني بها سمتي الخط واللغة، وهما من أهم آثاره، لكن الفرق بين آثاره وآثار التمدن الإسلامي عظيم، فاللغة اللاتينية لم تبق شائعة على الألسنة، بل هي تعد من اللغات الميتة، وإن تكن قد دخلت في معظم لغات أوروبا، أما اللغة العربية فيكفي أن نقول عنها: إنها باقية ما بقي الإسلام والقرآن يتكلم بها الآن عشرات الملايين من الأنفس، كما سيأتي بعد.
شكل 2-1: صينيون مسلمون في زنقاريا.
وأما الخط الروماني فهو وإن كانت الكتابة به شائعة عند بعض أمم أوروبا وأمريكا، فالخط العربي أكثر منه انتشارا، وسترى أن الكتابة به عامة عند المسلمين كافة ، فهو آلة الكتابة المشتركة بين جميع الأمم الإسلامية، وبالجملة فهو أثر ديني والفرق كبير بين الأثر الديني وأثر شاع بالاستعمار أو بتقليد المحكوم للحاكم. (3) اللغات التي تكتب الآن بالخط العربي
وإليك الكلام على اللغات التي يكتب أهلها الآن بالخط العربي في أنحاء العالم، ولا يستعملون في الكتابة غيره، مع التفصيل التام عن هذه اللغات وتعدادها وتاريخها الخاص بالموضوع، وارتباطها بهذا الخط، ومواقع البلدان التي تستعمل فيها، وإحصاءات عن المتكلمين بها، وما يزيدونه من الأحرف على حروف الهجاء العربي، وغير ذلك؛ ليتبين للقراء حقيقة انتشار هذا الخط.
وقد قسمنا الكلام في هذه اللغات التي تكتب الآن به إلى خمسة أقسام:
القسم الأول:
هو مجموع اللغات التركية.
Bog aan la aqoon