غدا والذي ظن أنهم يظعنون غدا، فإنما هو على تقدير فعل محذوف قد وجب، لأن الظن بظعنهم قد سلف قبله لتهيئتهم له وتأهبهم له، فصار مقدرا أو مظنونا، وصار ذلك واقعا، أعني التقدير والظن.
ومن الدلالة على أن ما قاله سيبويه في الضارب أنه الأصل- أعني أن يكون الذي فعل- قولك: هذا الذي يزورنا ويكرمنا، فيأتي في صلة الذي بالفعل المستقبل وأنت تريد المضيء، كأنك تريد هذا الذي زارنا /٢٦/ وأكرمنا، ولا يجوز أن تتأول بالماضي المستقبل فنقول: هذا الذي زارنا، على معنى الذي يزورنا، فلما كان المستقبل ها هنا ينوى به الماضي والماضي لا ينوى به المستقبل، وكان أكثر الكلام على ذلك، علم أنه الأصل وأن غيره داخل عليه لما يعرض فيه.
ومثل ذلك المجازاة، الأصل فيها أن تكون الأفعال مستقبلة، فإن جئت معها بفعل ماض فقلت: إن فعلت فعلت، كان معناه الاستقبال، فالماضي فيها يرجع معناه إلى الاستقبال، والمستقبل لا يرجع معناه إلى الماضي، لأنه الأصل وقد جاء على لفظه.
مسألة [١٦]
ومن ذلك قوله في باب الأمر والنهي: زيدا فاضربه، قال: كأنه قال: اضرب زيدا، ثم جعل هذا تفسيره، أو يكون أراد عليك زيدا فاضربه.
قال محمد: أما التفسير الآخر فلا يرفع، وأما الأول فلا أرى فيه لإدخال الفاء معنى، لأن المفسر لما حذفت لا يكون معطوفا، ألا ترى أنك لو قلت: أزيدا فضربته لم يجز، وإذا قلت: عليك زيدا فاضربه، فالمعنى لـ (عليك) وليست المضمرة، لأنها ليست مما يضمر، ولكنك
1 / 77