٣٦ - فصل
قال القدري: لو كان أفعال العباد خلقًا لله (^١) لم يأمر العباد بشيء منها ولا نهاهم عن شيء منها.
والجواب: أنا نقول (^٢): إنما يأمرهم (^٣) بكسب أفعالهم ونهاهم عن كسب أفعالهم، وقد وصف الله سبحانه نفسه بخلق شيء من أفعالهم ونسب ذلك إليهم لكونه كسبًا لهم فقال سبحانه: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا﴾ (^٤) والتقدير الخلق، وقوله تعالى: ﴿هُوَ (^٥) الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ﴾ (^٦)، فقوله يسيركم، على وزن يصوركم في الأرحام، فلما كان قوله تعالى: ﴿يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ﴾ (^٧) المراد به (^٨) يخلق تصويركم كان قوله: ﴿يُسَيِّرُكُمْ﴾ أي يخلق تسييركم (^٩)، ثم أمرهم باكتساب ما أخبر أنه يخلقه فيهم وهو السير فقال سبحانه: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ (^١٠) وقال في آية أخرى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ﴾ (^١١) والمسيّر لهم في البر والبحر للطاعة والمعصية هو الله، وعند القدرية أن المسير لهم في البحر هو أنفسهم برفعهم الشراع للريح، فإذا ساروا في البحر