٢٦ - فصل
ومن الأدلة المذكورة في الرسالة قول الله تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (^١).
فأخبر سبحانه أنه يعلم الجهر والسر من القول لأنه خلقه.
فاعترض القدري المخالف على هذا وقال: لا حجة (^٢) لهذا المستدل بهذه الآية، وقال هذا يدل على إفلاسه من العربية وفقد التمييز بين العبارة عمن يعقل وعمن لا يعقل فإن قوله: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ (^٣) عبارة عن العقلاء من خلقه و(ما) عبارة عما لا يعقل، وأفعال العباد مما لا يعقل فلا تدخل تحت قوله: ﴿مَنْ خَلَقَ﴾ هذا نكتة قوله، ولا فائدة في إعادة سائر قوله من السفه والسخف الذي لا يلحق إلا بمن لا دين له ولا علم.
والجواب: إني وهذا المعترض كما قال الشاعر:
عليّ نحت القوافي من معادنها … وما عليَّ إذا لم تفهم البقر (^٤)
مع أنه لم يكن مقصودًا بالرسالة وإنما حمله الفضول على تكلف ما لا يقوم به، ولم يفهم موضع الحجة من الآية، وذلك أنه ذهب إلى أن (من) في موضع نصب مفعول (^٥)