الخير ولا يقدر عليه ويريد الشر ويقدر عليه (^١)، فنقلت القدرية صفة النور إلى الله وصفة الظلام إلى إبليس، فلذلك سماهم النبي ﷺ "مجوس هذه الأمة" (^٢) وبهذا المعنى فسر ابن عباس هذا الحديث على ما نقله عنه أهل النقل (^٣).
ومما موه به هذا القدري المخالف على العامة في الاستدلال أن ادعى أن خصمه يقولون: المعصية من اثنين أحدهما محمود عليها وهو الله، والآخر مذموم عليها وهو العبد، وهذا مثل مذهب المجوس في قولهم إن العالم من صانعين أحدهما محمود والآخر مذموم، هذا نكتة قوله.
والجواب عن ذلك: أن يقال له: قولك المعصية من اثنين غير مسلم أنها تسمى معصية في حق الله سبحانه وإنما هي معصية في حق العبد، ووجودها من أحدهما غير وجودها من الثاني على ما مضى قبل هذا (^٤)، فقولنا إنّ كون الفعل خلقًا لله وكسبًا للعبد لا يقتضي مشابهته لقول المجوس، وإنما يشبه قول المجوس من يقول إنه مريد الخير غير مريد الشر