ثم نعارض هذا القول ونقول: لو كانت أفعالنا خلقًا لنا ومنفردين بإيجادها لكنا عالمين بعدد حركاتنا وكيفية وقوعها منا قبل الفعل وبعده لأن الله أخبر أن الخالق يعلم ما خلق بقوله تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ (^١).
وأما استدلال هذا المخالف على معناه الذي أورده بقوله: لما كانت ألواننا وصورنا خلقًا لله لم تقع تحت إرادتنا وقصدنا، فالجواب عنه أن نقول: ليس امتناع ألواننا وصورنا بحسب إرادتنا كونها خلقًا لله، وإنما العلة بامتناع وقوعها حسب إرادتنا وقصدنا كونها غير كسب لنا (^٢)، ألا ترى أن جماعنا لما كان كسبًا لنا إذا قضى الله وقوعه منا يقع يقصدنا واختيارنا ونثاب عليه إذا وقع فيما يحل ونعاقب عليه إذا وقع بما يحرم، والولد المخلوق من الجماع لما لم يكن كسبًا لنا ولم يقدرنا الله، بل قد يقصد الغني الجماع ليكون منه الولد فلا يكون، وقد يجامع الفقير فيعزل كراهة الولد فيكون منه الولد فلم يقع بحسب إرادتنا وقصدنا (^٣).