371

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Noocyada

Fiqiga

قلنا: هذا فاسد لأوجه ثلاثة:

أما أولا: فلأن الآية إنما سيقت لبيان افتقاره إلى الحفظ، لكونه مبنيا من حالة ضعيفة. ولهذا قال تعالى(¬1):{إن كل نفس لما عليها حافظ}[الطارق:4].

والمعنى: وإنما كان مفتقرا إلى حافظ لكونه مخلوقا من ماء رقيق، وأعظم ما يحتاج إلى الحفظ، الماء لرقته وتفرق أجزائه ولكونه أيضا على صفة الدفق عن مقره ومكانه، يفتقر إلى الحفظ؛ لأن أحوج ما يحتاج إلى الحفظ ما فارق محله وزايله.

وأما ثانيا: فهب أنا سلمنا أن الآية واردة على جهة الامتنان، فالغرض من الامتنان إنما هو بالخلق وتقويمه وتسوية السمع والبصر وجميع أنواع المنافع في الخلقة لا من أجل الطهارة، وكم بين الإمتنان بما ذكرناه وبين الإمتنان بطهارة الماء.

وأما ثالثا: فإنه ليس في ظاهر الآية ما يدل على نجاسة ولا طهارة، وإنما تعرض لذكر كونه ماء دافقا، فلا يكون فيه حجة على ما طلبوه، اللهم إلا أن يعضدوه بقوله : (( خلق الماء طهورا)). وهو من جملة الأمواء، لكن هذه دلالة مستقلة على حيالها سنجيب عنها، فلا يخلطان دلالة واحدة.

قالوا: ورد قوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}[الإسراء:70]. فلو كانوا مخلوقين من النجاسة لم تكن هناك كرامة، ثم إنها واردة على جهة الإمتنان، ولن يكون ذلك إلا بأن يكون محكوما عليه بالطهارة.

قلنا: الكرامة إنما كانت بتسوية الخلقة وإكمال العقل، وتمكينه من المنافع كلها، وما لا يكون لشيء من الحيوانات المخلوقة غيرهم، وأيضا، فكان من جملة الكرامة ألا يجري في مجرى الحيض، ويخرج من مخرج البول، ويوضع في الأرحام، وهي أسخف مكان، وهذا يبطل ما توهموه من الكرامة.

قالوا: روت عائشة قالت: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله ، في الصلاة.

قلنا: عن هذا أجوبة ثلاثة:

أما أولا: فلأن هذا إنما هو كلام عائشة، وليس فيه عن رسول الله ، شيء، والحجة إنما هي في كلام رسول الله ، لا في كلام عائشة، ولم تحك عنه شيئا في طهارته.

Bogga 378