369

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Noocyada

Fiqiga

وأما ثانيا: فإنه إنما أمر بغسله لما كان طاهرا في ذاته كما قلناه، لكنه ربما سنح له النجاسة لأجل اتصاله بالميتة، فلا يؤمن هناك اتصاله برطوبتها من دم أو روث أو قيح أو صديد أو غير ذلك، فلهذا كان غسلها مأمورا به لما ذكرناه.

مسألة: ذهب أئمة العترة إلى أن مني بني آدم نجس، سواء كان خروجه على طهارة أو غير طهارة، لا يختلفون فيه، وهذا هو قول أبي حنيفة وأصحابه، ومحكي عن الأوزاعي ومالك، ومثله خرج صاحب (التلخيص) على رأي الشافعي، ويدل على ذلك حجج [ثلاث]:

الحجة الأولى: خبر عمار، قال: مر بي رسول الله ، وأنا أسقي راحلتي فتنخمت فأصابتني نخامتي فجعلت أغسل ثوبي، فقال رسول الله : (( ما نخامتك ودموع عينيك إلا كالماء في ركوتك)) ثم قال: (( إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والدم والقيء والمني )). فأوجب غسل الثوب منه، فلولا أنه نجس لما أوجب غسل الثوب منه، ولأنه أدرجه في ضمن هذه النجاسات فكان نجسا مثلها.

الحجة الثانية: ما روي عن النبي ، أنه سأله رجل عن المني يصيب الثوب فقال: (( أمطه عنك بإذخرة(¬1) فإنما هو كمخاط أو بصاق))(¬2). فأمره بإزالته فلو كان طاهرا لما أمره بإزالته ولأنه قال: (( أمطه بإذخرة)) دل ذلك على مبالغة في نجاسته، ولهذا فإنه زاد في إزالة أثره بالإذخرة، وإنما قال: (( فإنما هو كمخاط أو بصاق)). لما فيه من المشابهة لهما في الغلظ واللزوجة والبياض وليس الغرض مشابهته لهما في الطهارة، إذن لا فائدة في الإزالة.

الحجة الثالثة: قياسية، وهو أنه مائع يجب الغسل بخروجه، فوجب كونه نجسا كدم الحيض، أو نقول: خارج من الإحليل فوجب كونه نجسا كالبول والمذي. فهذه الأدلة كلها دالة على نجاسته.

Bogga 376