356

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Noocyada

Fiqiga

والمختار: ما قاله السيد أبو طالب، ويدل عليه ما ذكرناه عنه، ونزيد وهو أن الطهارة والنجاسة إنما هما حكمان شرعيان متلقيان من جهة خطاب الشرع، ويجب الاحتكام لما قاله في موارد الشرع ومصادره.

فنقول: قد دل الشرع على نجاسة الميتة فلهذا قضينا بنجاسة الميت لأجل الموت، فإذا ورد الشرع بوجوب غسله دل ذلك على أنه يعود طاهرا بالغسل، وإلا فلا فائدة في الأمر به وإيجابه، فيكون في حكمنا بطهارته بالغسل عملا بموجب الدليلين معا، وتوفيرا عليهما ما يقتضيه حكمهما من ذلك، فلأجل ذلك حكمنا بطهارته بالغسل بعد الحكم بنجاسته بالموت.

الانتصار: قالوا: النجاسة فيه عينية فلا يعود طاهرا بالغسل كالكلب والخنزير.

قلنا: ما تعنون بكون نجاسته عينية؟ تريدون أنه لا يطهر من غير غسل؟ فهذا مسلم ولا نزاع فيه، أو تريدون أنه لا يطهر وإن غسل فهذا لا نسلمه وفيه وقع النزاع، فلم لا يجوز أن يعود طاهرا بعد غسله؟

قالوا: لو عاد طاهرا بالغسل لجاز أن يعود الكلب والخنزير طاهرين إذا غسلا ولا قائل بهذا القول، فبطل أن يكون غسله موجبا لطهارته.

قلنا: التفرقة بينهما ظاهرة، فإن نجاسة الكلب والخنزير لم يرد الشرع بأنها تزول بالغسل ولا ورد الشرع بغسلهما بحال، فدل ذلك على أن النجاسة باقية فيهما وأن الشرع لم يلحظ فيهما الطهارة أصلا بخلاف المسلم إذا غسل بعد موته، فإنه لما ورد الشرع بغسله بان لنا أن الطهارة في حقه ملحوظة بنظر الشرع وحكمه، وتحقق ما ذكرناه من كون الطهارة في حق المسلم ملحوظة شرعا جواز الصلاة عليه، والصلاة من حكمها الطهارة فيما يصلى فيه وعليه وطهارة الجسم والمكان والأثواب كما سنوضحه، فسقط ما قالوه، والله أعلم.

الفرع الثاني: إذا انفصل من جسم ابن آدم عضو من أعضائه في حال حياته فهل يكون طاهرا أو نجسا؟ فالذي عليه علماء العترة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ومالك، وأحد قولي الشافعي أنه نجس.

Bogga 362