352

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Noocyada

Fiqiga

ومن هذه القاعدة نعلم أن مبنى الشرع وقاعدته على التساهل في الطهارات وخفة الأمر فيها، وأن خلاف ذلك مجانب لأمر الشريعة وحكمها، ومن قرع سمعه ما كان من ممارسة الرسول لأهل الشرك في الآنية والطعامات واللباس، وعرف سيرة الصحابة (رضي الله عنهم) وغيرهم من التابعين وتابعيهم في حال من يعاشرون من الأطفال والعبيد والنسوان وعوام الخلق، تحقق ما قلناه من سهولة أمر الطهارة.

واختلف(¬1) في مقدار ما يعفى من الدم، فمرة قال: مثل رؤوس الإبر وحب الخردل، وتارة قدر الدرهم.

وأما الهادي فقد جعل العفو منه ما كان دون القطرة وهو الذي لا يسفح فإنه طاهر، وهو المختار كما مر تقريره، وليس في الحقيقة عفو؛ لأنه طاهر عنده بخلاف المؤيد بالله، فإن العفو متحقق فيه؛ لأنه نجس عنده فعفي عن ما ذكره، فإن وقع الشك في هذا القدر وجب غلسله؛ لأن الأصل هو الحظر، والإباحة والرخصة إنما تعلقا بهذا القدر لا غير، وإن وقع الشك في كونه قطرة لم يجب الغسل؛ لأن الأصل هو الطهارة على رأيه. والحظر إنما وقع فيما تحقق حاله من القطرة.

وأما الشافعي فقد حكي عنه أقوال ثلاثة:

أما أولا: فيعفى عن دم القمل والبراغيث.

وأما ثانيا: فقال في القديم: يعفى عنه إذا كان دون ملء الكف.

وأما ثالثا: فحكي عنه: مثل الدراهم والدنانير.

فكله نجس عنده إلا ما ذكرناه من هذه المقادير، وجميع ما ذكرناه من العفو في الدماء على اختلاف هذه المذاهب، فهو جار في القيح والصديد والمدة وما جرى مجراها لاستوائها جميعا في عظم البلوى بها، وشدة علاجها في جميع الحيوانات كلها.

Bogga 358