Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Noocyada
أما أولا: فلأن لفظ الدم في الآيتين عام في جميع وجوه الاستعمال من أكل وملابسة، فلا يجوز تخصيصه من غير دلالة تدل على ذلك.
وأما ثانيا : فهب أنا سلمنا ماذكروه في الآية؛ لكن الأخبار دالة على كونها نجسة كخبر عمار، وهو قوله: (( إنما تغسل ثوبك من البول والدم)). وهذا نص في مقصودنا وغرضنا.
قالوا: دم سائل فكان طاهرا كدم السمك.
قلنا: هذا فاسد لأمرين:
أما أولا: فلأنا نمنع الأصل، ونقول: إن دم السمك السائل نجس وقد مر ولا نعيده.
وأما ثانيا: فهب أنا سلمنا طهارة دم السمك كما هو مذهب بعض الأئمة والفقهاء، فالتفرقة بينهما ظاهرة؛ فإنه يؤكل بدمه ولا ينجس الماء بموته، بخلاف ما سال من الدماء من الحيوانات، فإنه لا يكون له هذا الحكم بحال، فافترقا، فتنخل من مجموع ما ذكرناه نجاسة كل ماسفح وسال من الدماء كلها.
مسألة: إذا تقرر هذا فهل يكون ما دون السافح طاهرا أو نجسا ؟ فيه مذهبان:
المذهب الأول: أنه يكون طاهرا، وهذا هو رأى القاسم والهادي، ومحكي عن السيدين: أبي العباس وأبي طالب، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.
والحجة على ذلك: قوله تعالى: {أو دما مسفوحا}[الأنعام:145]. فشرط الله في تحريم أكله أن يكون مسفوحا، فدل على أن ماكان السفح [فيه] فهو مخالف له في الحكم، وإذا لم يحرم أكله فهو طاهر لا محالة.
الحجة الثانية: حديث زيد بن علي (( أن الرسول أدخل يده في أنفه فأخرج عليها دما ثم أعادها مرة أخرى فلم ير شيئا فمسح يده بالأرض ولم يعد وضوءا ولم يغسل يده)). وفي هذا دلالة على كونه طاهرا؛ لأنه لو كان نجسا لغسل يده ولتوضأ، وإنما لم يكن نجسا لما كان غير سائل.
Bogga 350