Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Noocyada
فأما التضبيب بالفضة فهو واقع على أربعة أوجه:
أولها: يكون مباحا غير مكروه، وهو أن يكون قليلا للحاجة تدعو إليه، وهذا نحو حلقة القدح والقصعة وضبة الشفرة، والضبة التي تكون في قائم السيف وقبيعته، وهي رأس القلة منه، لما روي أن حلقة قصعة رسول الله كانت من فضة، وقبيعة سيفه كانت من فضة.
ومعنى قولنا: لحاجة، أي أن الحاجة داعية إليها وإن كان غير الفضة يقوم مقامها من جهة أن الحاجة ربما تدعو إلى الفضة نفسها.
وثانيها: كثير للحاجة إليها، فيكون مكروها لكثرته، ولا يكون محرما لأجل الحاجة إليه. وحد الكثير: أن يكون جزءا من الإناء كاملا من الفضة، نحو أن يكون كل أسفله أو جميع أطرافه من فضة، أو يكون جنبه من فضة، فإن كانت الفضة مستولية عليه كله فهو محرم لكونه استعمالا لآنية الفضة فلا يجوز التوضؤ منه ولا استعماله بحال.
وثالثها: قليل لغير حاجة، فلا يحرم لقلته ويكون مكروها لعدم الحاجة إليه، وهذا نحو ضبة القلم فإن ما هذا حاله قليل مستغنى عنه.
ورابعها: كثير لغير حاجة، وهذا يكون محرما لعدم الحاجة إليه، وهذا نحو أن تكون الأعمدة التي على ظهر الدواة من فضة أو تكون الأقلام فضة، أو تكون الدواة ملبسة كلها من الفضة، فما هذا حاله يكون محرما؛ لكونه كثيرا لا تدعو إليه حاجة ولا ضرورة.
وإن اتخذ سنا من ذهب أو فضة جاز ذلك، والذهب أولى من الفضة لما ذكرناه من حديث عرفجة، ولأنه لا يصدأ ولا يبلى، فإن قطعت أصبعه لم يجز أن يجعلها ذهبا ولا فضة لا تعمل عمل الأصبع من القبض والبسط فلم يكن فيها إلا مجرد الزينة لا غير بخلاف الأنف فإنه لا عمل لها في القبض والبسط فلهذا جاز اتخاذها، وإن قطعت أنملته جاز أن يعملها ذهبا أو فضة؛ لأنها تعمل عمل الأصبع في القبض والبسط، فافترقا.
Bogga 328