Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Noocyada
والمختار: ما عول عليه علماء العترة وفقهاء الأمة، من أجل الظواهر الشرعية التي ذكرناها في طهارة الأمواء من جهة الكتاب والسنة، فإنها عامة في جميع الأمواء إلا ما خصته دلالة، وأيضا فإن الصدر الأول من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا يتطهرون بها من غير نكير، وكونها في موضع شريف لا يمنع من التطهر بها كما لو انصب المطر من ميزاب الكعبة والحرم.
مسألة: وما عدا ذلك من الأمواء، نحو ماء الورد وهو الذي يعتصر من الورد وماء العصفر وماء الزعفران، وهذا هو الذي يكون معتصرا منهما، فلا يجوز التطهر به عند أئمة العترة وهو قول الفريقين، وهو محكي عن مالك وهو مذهب عامة العلماء إلا ما يحكى عن الإمامية، فإنهم جوزوا الوضوء بماء الورد، وهو محكي عن الصادق (¬1)، وحكوا عنه أنه سئل عن التطهر به فجوزه وقال: ما زاد إلا طيبا(¬2). وعن الأصم أنه جوز رفع الحدث بكل مائع طاهر، وعن بعض الفقهاء(¬3) جواز التطهر بالخل.
والحجة على ذلك: قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}[النساء:43]. فلم يجعل بين التيمم وعدم الماء مرتبة، وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز التطهر بغير الماء، ولأن الصحابة (رضي الله عنهم) وغيرهم من التابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا قد كانوا يسافرون ويعدمون الأمواء في المفازة، ولم يعلم بأن أحدا منهم توضأ بغير الماء ولا عدل إليه(¬4).
فإن قال قائل: فهل يكون من قال بجواز التطهر بغير الماء، خارقا للإجماع لما ذكرتموه من عمل الصحابة، والقياس على خلاف قوله؟
Bogga 260