Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Noocyada
والمختار: أنه إذا سخن في آنية الصفر بالشمس، كره وإلا لم يكره، وعلى هذا يحمل ما روت عائشة رضي الله عنها، أنها سخنت ماء في الشمس فقال لها الرسول : (( لا تفعلي يا حميراء هذا فإنه يورث البرص))(¬1). وروي عن عمر أنه كان ينهى عن الماء المشمس، وقال إنه يورث البرص، اعتمادا على ما روته عائشة.
وإنما كان هذا مختارا؛ لأن مسنده الخبر دون القياس، وليس هذا يختص هذا الموضع، بل كل موضع تعارض فيه القياس والخبر، فالعمل على الخبر هو المختار في كل موطن إلا أن يكون الخبر منسوخا أو يعرض له عارض يبطله، من جهة أن كلام صاحب الشريعة لا يقاومه كلام القياس، وهو معصوم والقائس ليس معصوما، فلهذا كان مختارا.
وإذا قلنا بكراهته فبرد المشمس، فهل تبقى الكراهة فيه أم لا؟ والأقرب أنها لا تبقى؛ لأن العلة هي حصول الحرارة بالشمس وقد زالت بالتبريد فلا تبقى الكراهة، وهو أحد أقوال الشافعي، وحكي عنه قول آخر أنها لا تزول الكراهة، والحق ما ذكرناه؛ لأنه قد زال العارض الموجب للكراهة فزالت في نفسها.
مسألة: وإن سخن الماء بالنار لم يكره التطهر به عند أئمة العترة، وهو محكي عن الفرق الثلاث: الحنفية والشافعية والمالكية، سواء سخن بالوقود الطاهر أو الوقود النجس.
والحجة على ذلك: ما روى شريك (¬2) أنه قال: (( اجتنبت وأنا مع رسول الله في سفر فجمعت أحجارا وسخنت ماء فاغتسلت به، فأخبرت النبي فلم ينكر علي))(¬3). فتقريره إياه على ذلك فيه دلالة على عدم الكراهة فيه.
وحكي عن مجاهد أنها تكره الطهارة بالماء المسخن بكل حال.
Bogga 258