Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Noocyada
الانتصار عليهم: يكون بإبطال ما توهموه.
فأما ما زعموه من المعنى الذي توهموه في إيجاب غسل هذه الأعضاء ومسحها، فهو من الإقناعات التي يقبلها من ليس له قدم راسخة في علم الأصول، وحاصلها خيال منقشع بأدنى مطالبة، ويبطل ما قالوه بما قررناه من قبل من كونها جارية على مذاق التحكمات الجامدة، فلا ينقدح فيها معنى معقول فيقاس عليه، ثم نبطل ما ذكروه بالمعارضة بأمرين:
أحدهما: أنا نقول: لو استقام ما ذكرتموه في الوضوء وأن الغرض به التنقي عن كل ما يعرض من القاذورات والتنزه عنها، لكان يلزم فيمن أسبغ وضوءه وأتمه بكماله ثم عمد إلى تراب فتعفر به وتلطخ بالطين الطاهر ثم صلى وهو على تلك الحالة، أن لا تكون صلاته صحيحة؛ لأن سر الوضوء ومعناه غير حاصل، فلو صح المعنى الذي زعموه لما كانت صلاته صحيحة وهو مخالف للإجماع.
وثانيهما: أن التيمم هو تعفير الوجه بالتراب وإزالة رونقه بملابسته ومسحه به، فلو صح ما ذكرتموه من معنى الطهارة لكان لا وجه لكونه مشروعا عند عدم الماء؛ لكونه مناقضا لمعنى الطهارة وسرها.
فهذان الأمران مبطلان لهذه القاعدة التي ذكروها، وتنخل من مجموع ما ذكرناه، أن طهارة الحدث والنجس لا يعقل معناهما، وأن المعنى الذي ذكره أبو حنيفة في طهارة النجاسة وهو القلع، يبطل بما سلمه في طهارة الحدث، فإن التعميم حاصل فيها بماء الورد وقد منع منه، فهكذا يمنع مما كان مانعا للأثر، ويجب قصرهما على التطهير بالماء كما أشرنا إليه، وممن قال معنا بأنهما لا يعقل معناهما، الشيخ عبدالملك الجويني وتلميذه أبو حامد الغزالي.
فهذا ما أردنا ذكره من المسائل التي اشتمل عليها اللقب في قولنا: كتاب الطهارة.
ونشرع الآن في الأبواب التي اشتمل عليها الكتاب مستعينين بالله وهو خير معين، وجملة ما يشتمل عليه من الأبواب عشرة.
Bogga 197