Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Noocyada
والغرض إلى أين قصدك. وعينها واو، واشتقاقها من النوى وهو البعد؛ وإنما سميت بذلك لكونها غائبة عن الناس، ولكونها فى القلب مستورة. وأنشد الجوهري (¬1):
صرمت أميمة خلتي وصلاتي ... ونوت ولما تنتوي كنواتي
أي ولم يكن قصدها قصدي، ولا كانت عزيمتها مثل عزمي في المودة وحسن المواصلة ولزوم الإخاء، ولها(¬2) موقع عظيم في العبادات الشرعية، لما روي عن عمر رضي الله عنه عن النبي ، أنه قال: (( إنما الأعمال بالنيات))(¬3). ولايكون العمل صالحا إلا بها ولا مقبولا إلا معها، لما روي عن النبي أنه قال: (( لا عمل إلا بنية))(¬4). فظاهر الخبر دال على أن ماليس معه نية من الأعمال فهو مردود، وهي أفضل الأعمال لما روي عن النبي أنه قال: (( نية المؤمن خير من عمله، ونية الفاسق شر من عمله)) (¬5) وهذا الخبر له معان خمسة:
المعنى الأول: أن العمل متناول للأفعال الظاهرة القولية والفعلية، ولا شك أن ما هذا حاله فإنه يدخله الرياء، بخلاف النيات فإن محلها القلوب ولا يطلع عليها الخلق ولا يكون فيها رياء، وعمل قليل بعلم أفضل عندالله من عمل كثير بجهل ورياء، فلأجل هذا كانت النية أفضل من العمل.
المعنى الثاني: أن يكون مراده عليه السلام من ذلك أن العمل مفتقر إلى النية، بحيث لو خلا عنها لكان لا وزن له عند الله تعالى، بخلاف النية فإنها غير مفتقرة إلى العمل، فالنية يؤجر عليها بمجرد فعلها، بخلاف العمل فإنه لا يؤجر عليه ولا يكون مستحقا للثواب عليه إلا بانضمام النية إليه، فلهذا كانت خيرا من العمل لهذا الاعتبار.
Bogga 187