Dib-u-dhaca Muslimiinta ee Sanam-caabudka: Baadhitaanka Kahor Hagaajinta
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Noocyada
إن الكون والطبيعة كانا موجودين منذ بلايين السنين، وكان الرب كذلك فيما يعتقد المؤمن، في ذلك الزمن البعيد قبل ظهور الإنسان بعقله وفكره وتحضره، قبل وجود مجتمعات بشرية وحضارات وعلوم وفلسفات ومعدات، وبالطبع ولا أي قيم؟ فالإنسان هو الوجود الحقيقي لأنه من يدرك هذا الوجود وهو من يؤثر فيه بل ويستخدمه لمصلحة رفاهته، الإنسان هو الكائن الحقيقي وكل شيء، وقبله لم يكن هناك أي شيء.
وإذا كان الكون والمخلوقات والخالق موجودين قبل وجود الإنسان، للزم أن يخلق الله القيم بدورها قبل خلق الإنسان، كما خلق الشمس والقمر والنطفة والعلقة. ولو تخيلنا أن ذلك قد حدث وأن القيم موجودة في كتاب محفوظ قبل خلق الإنسان، فيترتب على ذلك عدم تطور القيم لثبوتها مع ثبات النص الأزلي في كتابه المكنون. ولو حدث هذا ما عرف الإنسان البدائي ما عرفه من تقدم وتطور وخلق أثناءه الحضارة وقيمها. فلا يوجد شيء على حاله منذ خلق الخلق إلى يوم الدين، كل شيء يتغير ويتطور، وهي الحقيقة الوحيدة في الوجود.
وإن تطور القيم، وظهور الجديد منها فرضا على يد الرسل والأنبياء ، فهذا ينفي نسبتها إلى الرب؛ لأن الرب يخلق خلقا مباشرا تاما غير قابل للتطور حسب الاعتقاد الديني. فالكون كله مخلوق خلقا ربانيا مباشرا هو اليوم على صورته كيوم خرج آدم من الجنة، وهو ما يخالف ما نراه بعيوننا ماثلا في الواقع، والغريب المبهر أننا لا نراه ليس لعمى في العيون وإنما لعمى العقول!
إن الاعتقاد بالخلق المباشر يستلزم أن يخلق الرب الشيء وقيمته داخله وجزءا من مكوناته، لا أن يخلقه ثم يتذكره بعد ألوف السنين فيرسل لنا ملحقا بكتالوج يخبرنا فيه عن قيمته. إن القيم التي وضعتها الحضارة الإنسانية هي الأصدق من القيم المحكية عن الفقهاء والكتب التراثية في شكل كتالوجات غير حقيقية. ولأن القيم إنسانية ونسبية، استباح الخليفة عمر لنفسه الاختلاف على نسبة العاصمة يثرب مما يحصله الولاة على البلاد المفتوحة، فاختلف مع عماله جميعا تقريبا، وكان الخلاف على المال، ولم تكن هناك قيمة غير المال، وراء ذلك، واستباحت السيدة عائشة الثورة على عثمان ثم استباحت الحرب على الإمام علي، لم تكن هناك قيم متفق عليها، لم يكن مشتركا بينهم سوى وجهات النظر النسبية، التي أجاز كل طرف لنفسه صحتها الدينية.
إن الذي خلق مصاحبا للإنسان موضوع داخله. هو الغرائز، وقد تم تزويد الكائنات كافة بهذه الغرائز من الإنسان إلى القردة إلى الحشرات، كلها كالإنسان، غريزة البقاء وغريزة الحفاظ على النوع، وهو الصراع الرهيب الذي دخله الإنسان الأول في بيئة قاسية لا ترحم، لكن من بين كل هذه الكائنات وحده الإنسان الذي لم يكتف بالغرائز تدير له حياته؛ لأنه لو اكتفى بها لظل يعيش بدائيا في الأحراش والغابات يقتل ليأكل، أو يقتل ليؤكل، أو يقتل ويؤكل، هذه البيئة التي أنزله الله فيها، هي مستنقعات وكهوف وضوار وأحراش وبواد، في البداية عندما بدأت منظومة العقل المعرفية اكتشف وجوب تغطية سوءته فلم يتوافر لديه إلا أوراق التوت ساترا له، فهذا ما وفره له الخالق في جنته بعد أكل الثمرة المحرمة.
وعندما نزل آدم إلى البراري والمستنقعات والكهوف لم تعجبه تلك البيئة المعدة له من قبل خالقه، وتمرد عليها وحولها اليوم إلى ناطحات سحاب، لم تعجبه الخيل والبغال والحمير والإبل التي خلقها الله واستعان بها كل الأنبياء، فصنع الطائرة المكيفة والسيارة المترفة، فعندما تمرد هذا المخلوق على حاله البدائي وبيئته استبدلها بما هو أفضل منها ملايين المرات، وترك ورقة التوت التي ستر بها عورته، وورقة التين التي كان ينظف بها مؤخرته، فلبس أجمل فنون الأزياء وأنشأ دورات مياه هي أعلى ذوقا وفنا ونظافة من مقرات عروش الملوك القدامى. هذا المتمرد لم يعجبه أن يكون ذليل غرائزه فقام بتعديلها وتحسينها وتطويرها إلى الأفضل، وابتدع القيم وفلسفات الأخلاق ليرافق تطوره المادي تطورا معنويا وخلقيا بمعايير قيمية تليق برقيه.
والأضرار التي تترتب على القول بقيم دينية تبدأ أولا من قواعد الدين نفسه التي لا تقبل المناقشة ولا استعمال العقل وإنما تطلب التصديق والطاعة. بينما القيم اختيار ومفاضلة وعقل يمايز ليعطي القيمة، ولذلك لو قلنا بقيم دينية ستكون قيما زائفة باطلة لأنها تخلو من الاختيار العقلي. وما يعطيه الدين لم ينشئه العقل إنما استقبله دون حوار بقرارات قدسية ومسلمات وتحليلات وتخريمات؛ لذلك عندما يتدخل العقل بقيمه العلمية وكيميائه سيكشف لنا كمية الأضرار والسموم في بول الجمل الذي يتداوى به المسلم حسب النصوص.
أما الضرر الأفدح فسيكون في الصراع الدموي الذي لا بد يترتب على القول بقيم دينية، وذلك لاختلاف الأديان وقيم كل منها، وهو لا يليق بعدالة السماء، ما يليق هو أن ننسب القيم إلى منشئها الإنسان، ولأنها غير مقدسة وقابلة للتغيير فإنه يمكن التنبؤ بالتقارب بينها والتآلف مع التطور لإقامة مجتمع أرضي مسالم سعيد.
الفصل الثاني
قاصمة الظهر
Bog aan la aqoon