Dib-u-dhaca Muslimiinta ee Sanam-caabudka: Baadhitaanka Kahor Hagaajinta
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Noocyada
والحكومات الإسلامية تسمح بكل هذا، وباستيلائهم على الإعلام، ولا تطلق الحريات؛ لأن الحريات ستطيح بكليهما، وكلاهما مستفيد من هذا الوضع الديكتاتوري، فيبقى الحاكم في كرسيه بادعاء حماية المجتمع والعالم المتحضر من السلفيين، ويستفيد السلفيون ما يأتيهم من دعم مادي ووجاهة وقيادة اجتماعية وفرصهم البترولية، وفي النهاية يكون الإسلاميون هم الحاكم الحقيقي الذي يعمل في حماية حكومة تأخذ أجرها إتاوات من شعوبها وفسادا لم يسبق له مثيل، إن الشعوب في البلاد الإسلامية هي الفريسة والضحية لدولة هذا، أو دولة ذاك: إسلامية، أو أميرية، أو عسكرية، أو ملكية. (5) مستقبل الدولة الإسلامية
في زمن متسارع يلهث تطورا وتغيرا وتبدلا، لم يعد ممكنا بموجب معطيات أمس واليوم، التنبؤ أو بناء أي تصور افتراضي لما سيحدث غدا، وكان أهم حدث أذهل العالم، وغير كل التنبؤات، بل غير خط سير التاريخ، ومن المحتمل أن يكون سببا في متغيرات ستجري في جغرافية العالم المعتادة، حدث ما لم يخطر على قلب بشر، حدث الحادي عشر من سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية.
صاحب هذا القلم كان قد توقف عن الكتابة والنشر ما يزيد عن سنتين، يأسا من حدوث أي متغير في أحوال البلاد والعباد، حتى ضربت القاعدة أمريكا، فقرر العودة إلى الكتابة والنشر، فقد جاء الأمل لبلادنا على عكس كل التوقعات، جاء يركب مركبا من دمار ونار وهلاك للأبرياء في بلاد الحريات، وكان أول إصدار لي بعد التوقف بعنوان: «شكرا بن لادن». كان ركود الأوضاع في بلاد المسلمين دافعا لليأس والقنوط حتى تفكك الحلف الإسلامي الأمريكي في مانهاتن، وتشظى بشكل مبهر لم تتصوره أي عبقرية من عبقريات هوليود وخيالها الجامح. كان الركود قد ساد كل شبر من بلاد المسلمين، وأصبح لا صوت يعلو فوق صوت السلطان ومشايخه، وتحول الناس إلى رعية للراعي بالمعنى الدقيق والحرفي للكلمة.
كانت السعودية ومن ورائها دول الخليج قد سادت بنفطها ووهابيتها ثقافة وإعلاما واقتصادا ومرجعية دينية، وكانت السعودية الحليف العريق والأبرز لأمريكا ومعها العالم الغربي الحر. وحالفت أمريكا شرار الأرض من حكام ومستبدين بطول العالم الإسلامي وعرضه، وأغدقت تدريبا ومعرفة وتسليحا على العرب الأفغان، ومنحتهم أسرار مخابراتها وشاركتهم في برامجهم، لدحر السوفييت في أفغانستان. السعودية أمدت بالرجال وبالمال، ومصر، وباكستان، ومعظم الدول العربية جندت إعلامها للجهاد ضد الشيوعية في أفغانستان، ومولت المخابرات الأمريكية ما يزيد على 200 مؤتمر للطب الإسلامي وبقية العلوم المنسوبة إلى الإسلام، حتى ضرب بن لادن مانهاتن، فانقلبت كل الأوضاع رأسا على عقب في يوم لن ينساه التاريخ أبدا، واكتشف الأمريكان في لحظة مباغتة أعداء جددا ما كانوا بالحسبان، وتحول بلد مثل السعودية من حليف تاريخي إلى بلد مفرخ للإرهاب بين ليلة وضحاها، تتم الضغوط الهائلة عليها للإصلاح والتغيير، وتوضع أسماء سعودية كبيرة وذات شأن خطير على قوائم الإرهاب الدولية. وتسقط طالبان، وترتكب أمريكا غلطتها التاريخية وتحقق لابن لادن مراده. كان ابن لادن قد أعلن أكثر من مرة أنه ليس بإمكانه محاربة أمريكا في أمريكا، وأن استدراجها إلى المنطقة هو الخطة المثلى، وحققت له أمريكا مراده لتعود الخريطة التاريخية تتغير مرة أخرى بعد دخول العراق وبسرعة مذهلة.
بعد سبتمبر 2001م كانت أمريكا قد أعلنت للعالم إنذارها بلسان رئيسها وخارجيتها والبنتاغون أنها ستدخل تدخلا مباشرا في البلاد المفرزة للإرهاب، إن لم تقم بعمليات إصلاح تفضي إلى تراجع الإرهاب وبروز الديمقراطية، حتى قال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قولته المشهورة الساخرة من الذات، المعبرة بصدق مر عن الواقع: «اللي مش ها يحلق بكيفه، أمريكا هاتحلق له.»
ثم كانت الفرصة التي جاءت للحكام العرب على طبق من ذهب، وهي دخول أمريكا العراق. وفي حالة من الفجر العلني دعمت كل دول المحيط لكل ما استطاع إليه سبيلا، ما أسموه المقاومة العراقية، هذا بالمال وهذا بالرجال وهذا بالتدريب وهذا بفتح الحدود سداحا مداحا، ليتحول مشروع الحلم الديمقراطي العلماني إلى كابوس على المنطقة جميعا، عندما عادت الولايات المتحدة إلى حلفائها القدامى من مستبدين وأصبحت في حاجة إلى حلفائها من مستبدي المنطقة القدامى من جنرالات وملوك، لإنهاء الحرب في العراق بشكل ما زالت المساومات جارية بشان تفاصيله، بينما يدفع الشعب العراقي أفدح ثمن مع كل يوم وكل ساعة تطول فيها المساومات.
وفي مناخ كهذا حيث يصعب التنبؤ بمستقبل الدولة الدينية في المنطقة، يتبناها هانتنغتون تنبؤا بالمستحيل، فتستجد في نظره ظروف دولية تحتم وجود هذه الدولة كما تصور، في تحالف إسلامي تقوده الخلافة التركية مرة أخرى؟ وارتأى أن سلامة الغرب في التفاعل مع هذا الواقع والسير به إلى منتهاه حتى تعود الخلافة، لكن بعد أن تكون الخلافة نفسها قد تم تكريسها كتابعة للسيادة الأمريكية ولو عن بعد، ولتقوم الخلافة بردع أي اعتداء على المصالح الغربية.
وصاحب هذه الورقة يرى الأمور بشكل أكثر بساطة من هذا؛ لأن الدولة الدينية كانت مرحلة تاريخية انتهت بنهاية المرحلة التي ناسبتها، وحسب منطق التطور الذي أثبت صلابته عبر التاريخ فهو القانون العلمي الأوحد الذي تقوم عليه بقية القوانين. فإنه ما عاد ممكنا لدولة دينية أن تتعايش مع عالمنا المعاصر، وكما فرض التطور نفسه علينا بمنجزات علمية وحقوقية إنسانية في كل العالم؛ فإنه آت إلى بلادنا لا شك فيه ولا ريب، كل المسألة هي في المسافة الزمنية بين يومنا وبين يوم نضج الأوضاع أو ظهور مفاجآت تسرع من وصول بلادنا نحو هذا التطور أو تعطلها عنه، ويبقى بدلا من محاولة التنبؤ، أن نقوم نحن العلمانيين بالتأثير في الواقع المتحرك، حتى نضيف ثقلا لترجيحات التاريخ، ونكون موجودين يوم يقوم بالفرز والاختيار، بحسابات المصالح ووفق المنهج التطوري.
إن الحرب القائمة حاليا ضد الإرهاب الدولي هي حرب عالمية بكل معنى الكلمة، لكنها الحرب التي بدأت تفرض لونا خاصا من أساليب إدارة الحروب، ليست حربا بين عدوين على حدود مختلف بشأنها، أو مصالح اقتصادية يتنازعون حولها، إنها حرب وجود، حرب بين زمنين، زمن له مناهجه في التفكير والعمل، يختلف بالكلية عن زمن التفكير العلمي والحداثة الحقوقية، يدافع بشراسة واستماتة عن استمراره في الوجود أمام مد الحداثة الجارف، إنها زفرات الموت الأخيرة لعصر ما قبل العلم الحديث، وما ترتب على هذا العلم وتقدمه الهائل من إعادة صياغة مفهوم الدولة بعقد اجتماعي حقوقي دستوري. إنه صراع زمنين بمنهجي تفكير مختلفين بالكلية ولا يلتقيان، والقديم لن يفسح في المكان للجديد بهدوء، فهذا هو درس التاريخ الطويل.
الفصل التاسع
Bog aan la aqoon