Dib-u-dhaca Muslimiinta ee Sanam-caabudka: Baadhitaanka Kahor Hagaajinta
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Noocyada
صلى الله عليه وسلم
قال بشأنهم: «إن الله قد غفر لأهل بدر ما تقدم من ذنب وما تأخر.» وفرض لمن بعد بدر حتى الحديبية أربعة آلاف، ثم من الحديبية إلى نهاية حروب الردة البكرية ثلاثة آلاف، ثم لأهل القادسية والشام ألفين، وحتى اليرموك ألفا، وأدخل مع أهل بدر من ليس منهم، مثل الحسن والحسين وأبي ذر وسلمان، بل وفرض للعباس عم النبي متألفا الهاشميين، وكان العباس كافرا حتى فتح مكة، خمسة وعشرين ألفا، وأعطى كلا من نساء النبي من الفيوء عشرة آلاف عدا مماليك النبي من ملكات اليمين مثل ريحانة بنت عمرو بن خنافة. فتحزبت نساء النبي وطلبن المساواة بينهن في العطاء الحرة كالأمة، ففعل ثم زاد عائشة بألفين ردتهما عليه. وهكذا في سبيل خلوص ضمير عمر قسم الناس رتبا ومنازل بين المسلمين فلم يعودوا رعية، وانعدمت المساواة بالمرة، وهذا كله كان مقبولا في زمنه لأنه كان يحكم بضميره الشخصي كصاحب ومستشار للنبي عندما كان حيا. وما عاد ممكنا أن يتم حكمنا اليوم بهذه الطريقة الإسلامية؛ لأن المساواة بين المواطنين هي الأس الأول لقيام دولة حديثة ديمقراطية. حتى لو وافقنا على كل ما يفصلها عن زماننا من اختلاف في معنى القيم، وسلمنا بهذه القيم القديمة فإننا سنكون في هذه الحال بحاجة لعمر أو للنبي ليحكمنا لنسلم له رقابنا ونحن مطمئنون إلى عدله، وليس إلى القيمة نفسها، وليس بيننا اليوم من يمكنه أن يزعم هذا الزعم ويركب هذا المرتقى الصعب.
لهذا كله ومثله كثير في تراثنا نحن لا نصدق أصحاب الدولة الدينية ولا في شعيرة، ولا حتى في جناح بعوضة؛ لأنهم إنما يريدوننا ميراثا ورثوه عن سادتنا العرب الفاتحين، ولا نصدق إشاعتهم عدم شرعية الحكومات الإسلامية القائمة لعدم تطبيقها الشريعة، حتى يكون أهل الدين هم البديل الشرعي المرضي عنه من السماء. بينما الشريعة لا تطبق؛ لأنها أصبحت غير قابلة للتطبيق، فلم يعد العالم كله اليوم يسمح لأي دولة بالعقوبات البدنية، وعلى السعودية هذه الأيام ضغوط هائلة بهذا الشأن، تسجل فيها تراجعات يومية، ولا عاد يسمح بقتل من يختار دينا مختلفا، ولا عاد يقبل سبي الجواري وركوبهن في الحروب، ولا عاد يسمح بنظام الرق الذي كرسنا له فقها كاملا مطولا يقوم على ثلاث وعشرين آية قرآنية، فلا وجود اليوم لأمة أطؤها ولا أم ولد أعاشرها، وهي من لزوم ما يلزم الشريعة الإسلامية، هذا ناهيك عن كون الشريعة الإسلامية كما نعرفها اليوم قد وضعها بشر مثلنا لم يأتهم الوحي، وهي بهذا المعنى وضعية كأي قوانين وضعية لا تأخذ شكل الإلزام المقدس.
من العلمي أن ندقق هنا ونقول إن المسلمين قد عرفوا شكلا للحكم يقوم على توحد كونفدرالي للقبائل تحت سلطان قبيلة قائدة، لكن هذا النظام لم يتحول إلى معنى الدولة إلا بعد استيلاء العرب الفاتحين على دول قائمة ذات حضارات وأنظمة سياسية ممتدة في عمق التاريخ ، وعلقوا عليها يافطة الإسلام. أما قبل ذلك وفي جزيرة العرب، فإن شكل نظام الحكم وتداول السلطة كان بدائيا بدائية مكانه وزمانه. كان في زمانه ومكانه مشغولا بالحفاظ على ما تم تحقيقه من توحيد القبائل تحت سيادة قريش، وظل محافظا على هذا الشكل فلم يكن للدولة الإسلامية من فجرها جيش مؤسس متخصص على سبيل المثال، إنما كان النبي يدعو القبائل إلى الخروج للحروب، ولكل منها رأيتها المميزة لها، وعليها أن تأتي أيضا بأدوات الحرب من خيل أو دروع أو سيوف أو رماح معها، ويتم تقسيم الغنائم على العسكر المحاربين دون القاعدين، فهذا مجتمع بدوي بدائي عصابي التشكيل والمنهج «يقوم على العصبية أساسا». وليس هذا قدحا فيه بل وصفا لحاله وظرف زمانه ومكانه، فهذا أقصى ما كان يمكن الوصول إليه من توحيد لشراذم القبائل البدوية التي تكاد تكون كل منها دولة بمفردها، وكان مثل هذا التوحيد لقبائل العرب هدفا أعلى للإسلام، وعندما تحقق الهدف أعلن الله أنه قد اختتم المشروع الإسلامي بقوله تعالى:
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ؛ وهو ما يعني اكتمال النعمة الإلهية بتوحد العرب تحت راية الدين الإسلامي، وليس أبعد من هذا. وبعدها ظل هاجس التفكك القبلي هو القائم والدائم، والذي أطلق عليه الفقهاء «الفتن والملاحم». كان هذا المجتمع يخشى أي تفكك يؤدي إلى فتن انفصالية، فخروج الفرد يعني خروج قبيلته معه، فيخرج مسيلمة لتخرج معه كل اليمامة، ويخرج الأسود العنسي لتخرج معه كل اليمن؛ وهكذا، وتاريخ العرب هو تاريخ تناطح سيادات القبائل وكبريائها فيما أسموه «أيام العرب»، وهي مذابح كانوا يفتكون فيها بعضهم ببعض لأتفه الأسباب، ويفخرون ب «أيامها»، مع العلم الوحيد عندهم وهو علم الأنساب، والذي يعني «علم عدم المساواة». كانت فتنة التفرق القبلي بحكم سلطان البيئة الصحراوية، دافعا للعمل بنظام ديكتاتوري صارم على مستوى السلطة والحكم، بل ودعم هذا النظام ليكون أقوى من كل القبائل، ويمكن أن يشن عليها الحروب لإخضاعها، ومن الفتن الصغرى إلى الفتن الكبرى، عانى التاريخ العربي الطغيان الشرقي الخليفي نتيجة نشأته وتكوينه البدوي.
في أيامنا نتحدث عن نظام ديمقراطي فيه أحزاب أكثرية وأقلية، حاكمة ومعارضة، وعن رئيس يتم اختياره من بين عدة مرشحين وفق أصول وضوابط دستورية، بينما في أيامهم قال النبي
صلى الله عليه وسلم : «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا واحدا منهما» (صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء).
هنا لا شيء اسمه أحزاب، ولا شيء اسمه معارضة، هناك حاكم واحد بيده كل السلطات لمنع الفتنة وانقسام المجتمع إلى قبائله الأولى. وتتداعى الأحاديث تدعم وتؤيد الأمير حتى لو فسق وفجر وظلم، «فاسمع للأمير حتى لو ضرب ظهرك وأخذ مالك» (حديث صحيح)، وعن عبد الله بن عمر: «إذا كان الإمام عادلا فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائرا، فعليه الوزر وعليك الصبر، فهذا امتحان من الله يبتلي به من يشاء من عباده، فعليكم أن تتقبلوا امتحان الله بالصبر والأناة لا بالثورة والغيظ.» وقال وهب بن منبه إن الله أنزل على نبيه داود: «إني أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فمن كان لي على طاعة جعلت الملوك عليهم نعمة، ومن على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة.»
وفي تلك البيئة البدوية البدائية في شاسع جغرافي لا يتوحد إلا بقوة قاهرة، كانت فلسفة السياسة ترى ظلم السلطة للمواطنين عقوبة ربانية تأديبية، انظر الحديث الداعي المبتهل: «اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.» وعليه لا يعود الظلم ظلما؛ لأن الملك أو الخليفة أو الرئيس وفق هذا الحديث هو مندوب السماء لتأديبنا، وهو مفهوم شديد الابتدائية يبرر الظلم ويبرئ ذمة السفاح ويدين القتيل، وهو إن صلح لبيئته فهو لا يصلح لبيئات وأزمنة أخرى.
أما سبل الوصول إلى السلطة، فقد بينتها كتب تشرح مدى أهمية وجوب الإمامة والطرق إليها، يقول فصل في وجوب الإمامة وبيان طرقها من كتاب الإمامة وقتال البغاة، من كتاب روضة الطالبين فصل الطريق الثالث لتنصيب الإمام: «فإذا مات الإمام فتصدى للإمامة، من جمع شرائطها، من غير استخلاف ولا بيعة، وقهر الناس بشركته وجنوده، انعقدت خلافته لينتظم شأن المسلمين. فإن لم يكن جامعا للشرائط، بأن كان فاسقا أو جاهلا، فوجهان: أصحهما انعقاد الخلافة لما ذكرنا، وإن كان عاصيا بفعله.»
Bog aan la aqoon