Dib-u-dhaca Muslimiinta ee Sanam-caabudka: Baadhitaanka Kahor Hagaajinta
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Noocyada
بداية حتى نفهم أبا الفتوح نتساءل: هل يشير إلينا؟ أين هي الإرادة الشعبية في فقهنا؟ وأين هي الدولة المدنية في الحديث النبوي؟ وأين هي الحريات في تاريخ الخلافة كلها راشدة أم غير راشدة؟ أين سورة الدولة المدنية في القرآن؟ أين آية الدستور؟ أليستا أهم من الفيل والبقرة والنمل والجن؟ إذا كانت الدولة مدنية أو غير مدنية ضمن اهتمامات الإسلام، فلماذا لم يتنزل وحيا سورة الإرادة الشعبية؟ لماذا ليس لدينا باب في صحاح الأحاديث بعنوان حقوق الإنسان مثله مثل باب النكاح؟ إن إخواننا الإخوان يفرشون بيتنا العتيق المسكون بالأشباح والإخوان والغيلان، من أحدث بيوت الخبرة السياسية العالمية، من بيت فولتير وجان جاك روسو ومونتسكيو، من مبادئ الثورة الفرنسية، ومن قيم الأمم المتحدة، وهي مبادئ وقيم لم تكن موجودة في قاموس البشرية كلها قبل ظهور أصحابها.
وضمن انتصارات جماعة الإخوان غير المشرفة لاستخدامها أساليب صراع غير نظيفة، هو تمكنها من تزييف وعي الناس بهدف خلق وعي مزيف ورأي عام مصنوع ملعوب فيه، فئوي، طائفي، رأي عام لا يعبر عن المصلحة العامة، بينما المصلحة العامة هي الغرض النهائي للعملية الديمقراطية برمتها، فإن لم يعبر الرأي العام عن المصلحة العامة تكون اللعبة كلها مزيفة، وعلى مثل هذا الرأي العام الفاقد الوعي بمصلحته العامة يراهن الإخوان. لقد تمكن الإخوان عبر أجهزة الدولة الإعلامية جميعا من عقل الناس وتزييف وعيهم ضد مصالحهم، من أجل مكاسب فئات بعينها على حساب الوطن كله بناسه وأرضه وتاريخه ومستقبله، إنها جريمة إبادة شاملة لوعي الإنسان بمصالحه ليكون إنسانا حرا غير مسير، هي إبادة أجيال بأسرها بخطب منبرية، فيتحول المسلم في لحظة إلى وحش كاسر ضد أشقاء الوطن لأن رساما في الدانمارك تكلم بالسوء عن النبي. وهذا الكاسر هو الإنسان الجاهل المتخلف العاري الحافي الجائع المريض، ومع ذلك كله يسير مهموما بفلسطين والعراق ويتظاهر ضد أمريكا، ولا يتظاهر ضد الفقر والجهل والمرض والاستبداد وثراء السادة الفاحش والسفيه من «سلاطين وفقهاء وراقصات»، على حساب باقي بني الله في الوطن. المأساة أن ما يحدث بين الحكومة والإخوان من مظاهر اختلاف خادعة، لا يخفي مدى الاتفاق على الكذب على الناس وتبرير كل فساد ممكن عند الطرفين، وتزييف الدين وهم يقدمونه للناس على اتفاق بينهما، بالمنطق ذاته حكمت به الخلافة عبر تاريخها الطويل، تاريخ لم تعنه يوما المصلحة العامة، بل مصلحة الحاكمين والملتحقين بهم وعلى رأسهم المشتغلون بالدين على المواطنين.
إن أبا الفتوح يطرح علينا نظاما إسلاميا لدولة الإخوان المرتجاة، فهلا أشار لنا أين توجد هذه الدولة في إسلامنا فقها أو حديثا أو قرآنا أو سيرة أو حتى شعرا؟ الموجود في كل هذه المصادر هو نظام عقابي لا نظام قانوني حقوقي، والموجود لدينا هو فقه عبودية وجهاد وحرب وسبي وجزية وتقطيع أوصال البشر أحياء، نظام عقابي انتقامي لا نظام تهذيبي تأديبي.
وهو حين يطرح هذا النظام الإسلامي لدولته، يقدم لها المبررات، موضحا أنها صلب الإسلام وجوهره المتين، فلا يجد بعد جهد ولأي سوى القول: «الإسلام كدين مختلف عن الأديان التي سبقته مثل المسيحية؛ فالمسيحية كانت تعلن أن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وأعلنت بوضوح أنها لا دخل لها في أمور دنيا الناس، وبالتالي لا علاقة لها بالسياسة والاقتصاد، لكن حين جاء الإسلام وكان النبي
صلى الله عليه وسلم
إلى جانب أنه نبي مرسل كان قائد دولة، ولأن النبي والصحابة من بعده كانوا إلى جانب أنهم دعاة وأصحاب عقيدة كانوا حكاما، ولا يوجد حكم دون أفكار مرجعية وتوجه وإدراك سياسي.»
وهذا كلام يحتاج إلى وقفة طويلة تحاول الترتيب والفهم وإعادة التفسير، فمثلا مما هو بحاجة إلى إعادة تفسير؛ لأنه يحتمل فهما آخر، هو إعلان المسيح ترك ما لله لله وإعطاء ما لقيصر لقيصر.
إن تفسيرا آخر سيرى المسيح يريد بهذا المبدأ طمأنة الروم على فلوسهم وأملاكهم مما ينشى هدنة سلامية بين الطرفين. وحين فعل ذلك فإنه قد جعل نفسه اليد العليا والسلطة الموزعة للسلطات؛ فهو من يقوم بتقسيم الأرزاق وتوزيعها، وتوزيع السلطات أيضا باعتباره ممثلا للسلطة الإلهية طالبا اعتراف الرومان بهذه السلطة. وهو ما حدث، ولكن إلى حين. نذهب إلى صورة أخرى تبدو مطابقة لهذه الصورة في الإسلام، فقد بدأ الإسلام في الزمن المكي بهدنة سلامية بطمأنة مكة وملئها على مصالحهم ومالهم وتجارتهم، واعتبر القرآن النبي نفسه مجرد مبلغ نذير لا يملك أي سلطان عليهم، وبعد الهجرة إلى يثرب وقوة عود الدعوة، جاء النسخ في الوحي لتلغي آيات الحرب والسيف كل آيات الهدنة السلامية جميعا، لأنه من حق صاحب القرار العودة عن قراره، فجاء النسخ في القرآن في السور المدنية بالمواجهة العسكرية، وهو ما حدث في المسيحية عندما أصبحت الكنيسة هي صاحبة اليد العليا حتى على الملوك والقياصرة.
إن مثل تلك الأمثال تشير إلى عقل قروسطي يريد أن يعود بنا إلى القرون الوسطى المظلمة. كلاهما أباح مؤقتا أن تؤخذ الدنيا منه مؤقتا في شكل هدنة سلامية تضمر الرجوع عن القرار، فأخذ كلاهما الدنيا والآخرة عندما تمكن. في الإسلام بدا ذلك واضحا في إعطاء النبي للمؤلفة قلوبهم وحرمان الأنصار أصحاب الانتصار على المؤلفة قلوبهم، والخليفة عمر كان يوزع حسب منازل ودرجات العرب ما يأتي به جيش الفتوح، والمعنى أن الإخوان عندما يحكموننا هم من سيقوم بتوزيع الأرزاق. والنظام الاقتصادي الإسلامي لا يعرف ملكية أرض لأهلها المقيمين عليها؛ لأنها جميعا وقف على العرب الفاتحين حسب القرار العمري الأشهر.
أما قول أبي الفتوح أن النبي والصحابة كانوا حكاما، وأن ذلك دليل على وجود الدولة بل هو مرجعية وإدراك سياسي للدولة، يفوته أن الدول أصناف، منها ما هو في حال الابتداء الأول ومنها ما أقام المؤسسات والقانون مثل أثينا وروما وبابل، منها جزر القمر ومنها أيضا أمريكا، ومنها دولة يثرب ومنها أيضا دولة خفرع. والثابت تاريخيا أن هذه الدول قد قامت قبل الإسلام، بعضها بألوف السنين وبعضها بقرون طوال. والثابت تاريخيا أنه عندما قامت إمبراطورية الإسلام واستولت على الدول المجاورة، استولت أيضا على أساليب الحكم القائمة فيها من ألوف السنين، استولت على ماكينة بيروقراطية لا تتوقف بسبب تغير الحكام، علقوا عليها يافطة العروبة والإسلام فقط.
Bog aan la aqoon