Dib-u-dhaca Muslimiinta ee Sanam-caabudka: Baadhitaanka Kahor Hagaajinta
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Noocyada
الإسلام والحضارة
لا يخلو خطاب إسلامي من الإشادة بما يطلقون عليه «الحضارة الإسلامية»، وما أنجزته هذه الحضارة على المستوى النظري الفلسفي، وعلى المستوى المادي التطبيقي، بفضل كوكبة من العلماء المسلمين الذين أنجزوا في زمانهم ما يعد مفخرة عربية إسلامية.
ويتخذ أنصار إقامة دولة إسلامية من التأكيد والتكرار على «الحضارة الإسلامية» إثبات أنه كان لنا حضارة من نوع خاص مفارق ومباين لما يعرفه العالم كله عن معنى الحضارة، وأنها الحضارة التي تناسبنا وتتفق مع ديننا ولا تخالفه، وأنه بالإمكان استعادة هذه الحضارة التقية الشريفة الورعة المسلمة، لنواجه بها حضارة الغرب المتفوق اليوم، لو أمكن لدعاة الإسلام السياسي حكم البلاد بالإسلام. بل وستتميز دولتنا المسلمة عن حضارة الغرب بالقيم والأخلاق السامية التي بات هؤلاء المتحضرون يفتقرون إليها.
ولا بأس من الإشادة بدين من الأديان، ولا بأس أيضا بنقد علمي لدين من الأديان، لكن البأس كل البأس تلبيس الإسلام ما ليس فيه وما لم يعرف وما لم يكن بحسابه ولا حساباته ولا اهتماماته ولا لحظة واحدة. والتلبيس على المسلمين بأوهام تمسكوا بها ولم يعودوا يرون غيرها، حتى غاب عنهم البحث والنظر إلى ما بأيدي غيرهم من شعوب العالم المتفوق من عوامل التحضر والرقي والتمدين والتقدم، اعتمادا على اعتقاد أن ما بأيديهم كدين يتضمن نظرية متكاملة لحضارة متكاملة هي أم النظريات وهي المثل الأعلى للحضارات كلها، لا بل هي الإنقاذ للعالم كله لأنها تأخذ بيده نحو نور الهداية والحضارة التقية لإقامة مملكة الله على الأرض، يوم يعم الإسلام العالم ويعيش كل البشر في نور التقوى والسعادة والحبور والهدى، سواء أسلموا أم دفعوا الجزية، المهم أن تكون الدولة الإسلامية إمبراطورية عالمية تحكم العالم من شرقه إلى غربه.
وترداد القول بهذه الحضارة ولوكها في كل مناسبة، هو نوع من الخطاب المخاتل المخادع التلبيسي التلفيقي؛ لأن الأديان جميعا لم يكن من مهامها إقامة حضارات أو دول.
ومع البدايات الأولى لظهور الأنبياء ذوي العزم منذ إبراهيم ويعقوب ويوسف وموسى كانت الحضارات موجودة، فقد زار هؤلاء مصر ونزلوا في ضيافة الفراعين، جاءوها ليجدوا الفرعون ملكا على دولة قوية متماسكة أنجزت حضارة كبرى تقف آثارها حتى اليوم تتحدى الزمن، وهي حضارة مشرفة بكل المقاييس رغم أنها كانت وثنية غارقة في أساطير دينية. وكان مفترضا أن تكون حضارة الرب هي الأعلى والأبقى، وكان مفترضا أن تكون حضارة الرب هي بداية الحضارات على الأرض وليس الحضارة المصرية أو البابلية أو الفينيقية أو الصينية، ولو كانت الأديان تصنع حضارات لكانت جزيرة العرب هي نموذج الحضارات العظمى، ولصار الحجاز هو نموذج العالم المثالي، ولكان المفروض ألا يطالبنا أحد بالإصلاح، بل كان المفروض أن تخرج المظاهرات في أوروبا تطالب بالشورى بدلا من الديمقراطية وبتعدد الزوجات وبالحجاب وبالجهاد والسبي والاستعباد.
بينما المركز الجغرافي للإسلام كان بداوة جاهلية استمرت قبلية كما هي باستمرار عادات العرب وتقاليدهم المضافة إلى الإسلام، وحتى اليوم تجد مركز الإسلام في السعودية فاشلا في إدارة مجتمعه، يستورد كل الصنائع وكل الفنيين والخبراء على صنوفهم من مختلف بلدان العالم، يستورد من الشماغ إلى الملابس الداخلية إلى سجادة الصلاة إلى الطائرة، وهو ما لا يمكن تسميته حضارة فهي حضارة الغير المشتراة بالبترول، ولو تم سحب العمالة الأجنبية من مهبط الوحي لانهارت الدولة؛ فالسعودية معرض منتجات دولي، فقط هي «صاحبة الليلة» بالبترول الذي اكتشفته لها حضارة الإنسان في بلاد الغرب، صحن الكعبة من بناء شركات أجنبية عالمية، المستشفيات تستحضر أطباء من أوروبا وأمريكا رغم ما لديها من الطب النبوي، ولا تعرف لماذا لا يستثمرون أموالهم في بول الناقة بدلا من أن يصدروها إلينا فتاوى وأحاديث وتفاسير ما أنزل الله بها من سلطان.
إن الحضارة ليست منجزا دينيا إنما هي منجز إنساني مفتوح ساهمت فيه البشرية من كل ملة ودين ولون وعنصر، ولم يقم الدين يوما بصناعة حضارة فهذه شئون إنسانية بحتة، فالحضارة ينتجها هيكل مدني مستقر: من النجار إلى الفلاح إلى السمكري إلى الطبيب إلى المهندس إلى القانون إلى نظام الدولة الهيكلي التراتبي الوظيفي والبيروقراطي.
وقد نجح الوثنيون في إقامة حضارات عظمى فلو كانت الوثنية معيبة ما أنتجوا ولا تحضروا، وهو مما يعني أنه لا علاقة للدين وثنيا أو سماويا بالتحضر وإقامة الدول، فلم يثبت أن نبيا واحدا قد أقام هرما أو مستشفى أو سد مياه، وإذا كان من مهام الدين إقامة الدول والحضارات فأين هي دولة إبراهيم ودولة نوح ويوسف والخضر وذي الكفل وذي النون وأين حضاراتهم؟ ألم تترك أي أثر؟
لو كانت الآلهة تصنع حفارة وكنا نحن المسلمين أصحاب أصح الأديان وأرفعها، وأصحاب الإله الواحد القهار، لكان واجبا أن تكون حضارتنا هي النموذج الذي لا يهتز للحضارة الإلهية على الأرض، وأن تكون مثلا أبديا لا يدانيه تقليد بشري، بينما واقعنا يقول إننا أصحاب أخيب حضارة على سطح الكوكب الأرضي، وإنه من الظلم لديننا أن ننسب إليه وإلى الرب القوي المهيمن مثل هذه الحضارة التي هي عار الإنسانية على الأرض.
Bog aan la aqoon