وروى مقاتل بن سليمان في أثناء [تفسير] الخمسمائة أنه قال: قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: يا رسول الله -صلى الله عليك-! كان لأمي نصيب مما أعطى، فتتصدق منه وتقدمه لنفسها، وإنها ماتت ولم توص، وقد كنت أعرف البركة فيما تعطي. وبكى معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يبكي الله عينك يا معاذ! أتحب أن تؤجر أمك في قبرها؟)) قال: نعم يا رسول الله!. قال: ((فانظر ما كنت تعطيها فأمضه عن الذي كانت تفعل، وقل: اللهم تقبل من أم معاذ)). قال: فقال من عند رسول الله: ألمعاذ خاصة؟ قال: ((لمعاذ خاصة ولجميع المسلمين عامة)). قالوا: يا رسول الله! فمن [لم] يكن له منا رزق به يتصدق عن أبويه، أيحج عنهما؟ قال: ((نعم، وتؤجرون عليه، ولن يصل رحم رحمه بأفضل من أن يتبعه بحجة في قبره، فإذا كان عند الإحرام فليقل: (اللهم عن فلان)، فإذا كان في سائر المواقف فليقل: (اللهم تقبل من فلان). وأوفوا عنهم النذور والصيام والصدقة، [و] أفضل وأحق من قضى عن المرء والمرأة: ذو رحم إن كان)).
روى البخاري في كتابه الصحيح بإسناده عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله إن أمي توفيت، أينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: ((نعم)) قال: فإن لي مخرافا، فأشهدك أني قد تصدقت به عنها.
وروى الحافظ اللالكائي بإسناده في كتاب (شرح السنة) عن أبي أسيد وكان بدريا. قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا، فجاء رجل من الأنصار، فقال: هل بقي لي من بر والدي شيء بعدهما أبرهما به؟ قال: ((نعم! الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهذا الذي بقي عليك من برهما)).
Bogga 66