116

Insights into Islamic Culture

لمحات في الثقافة الإسلامية

Daabacaha

مؤسسة الرسالة

Lambarka Daabacaadda

الخامسة عشرة ١٤٢٥ هـ

Sanadka Daabacaadda

٢٠٠٤ م

Noocyada

في ضوء هذه الحقائق النقلية والعقلية يتضح أن دافع اليهود في إثارة مسألة نسخ بعض الأحكام إنما هو الكفر والعناد والتشويه والإفساد؛ إذ ليس في العقل ما يدل على امتناع النسخ في أحكام الله تعالى؛ لأنه -سبحانه- يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد، وقد وقع هذا النسخ في كتبه المتقدمة، وشرائعه الماضية، فهو ﷿ أمر إبراهيم ﵇ بذبح ولده ثم نسخ هذا الأمر قبل الفعل، وأمر -جل شأنه- جمهور بني إسرائيل بقتل من عبد العجل منهم ثم رفع عنهم هذا الأمر كيلا يستأصلهم القتل -كما أسلفنا- واليهود الذين أثاروا شبهة النسخ يعترفون بكل هذا، ولكنهم يصدفون عنه تعنتًا وعنادًا واستكبارًا، ومضيًا منهم في المكر بالإسلام وأهله. وهنا يجيء وحي الله ﵎ بالحسم القاطع لكل ما يمكن أن يتسرب إلى العقول من شبهات زائفة، وشكوك باطلة، فيقرر -سبحانه- أن أي نسخ أو تعديل إنما هو لصالح البشر، ولتحقيق خير أكبر، وهو ﵎ خالق الناس ومرسل الرسل ومنزل الآيات، وله وحده الخلق والأمر، وهو المتصرف في خلقه بما يشاء، فيحل ما يشاء، ويحرم ما يشاء، وهو الذي يحكم ما يريد، لا معقب لحكمه، ولا يُسْأَل عما يفعل وهم يُسألون، يأمر بالشيء لما فيه من المصلحة التي يعلمها، ثم ينهى عنه لما يعلمه تعالى، فالطاعة كل الطاعة في امتثال أمره، واتباع رسله. قال تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ ١

١ البقرة: "١٠٦-١٠٧".

1 / 128