Insanawiyya: Muqaddima Qasira Jiddan
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
إلا أنه ثمة خلاف على مقدار هذا التأثير الإصلاحي للدين في حد ذاته على السجناء، في مقابل مصادفتهم أشخاصا يبدون اهتماما صادقا بهم (يجب علينا أن نتذكر أيضا أن عددا كبيرا من السجناء وجدوا هذا النوع من الخلاص في الفلسفة والتعليم؛ وربما يتضح أن هذه البدائل أكثر فاعلية في الواقع في مساعدة المساجين لكي يسلكوا حياة أفضل).
علاوة على ذلك، الملاحظة القائلة بأن للدين تأثيرا إيجابيا على سلوك بعض الأفراد ذوي الحياة المضطربة لا يقدم سوى القليل من الدعم لوجهة النظر التي نتدارسها هنا؛ وهي أنه من دون انتشار الدين، لن يكون الناس أخيارا وسيتفسخ نسيج المجتمع. وفوق كل شيء، ربما سيكون للتعذيب وغسل المخ على غرار نموذج الأخ الأكبر تأثير على ضبط السلوك الإجرامي. ولا تدعم هذه الحقيقة الرأي القائل بأنه دون انتشار التعذيب وغسل المخ، لن يكون الناس أخيارا وسيتفسخ نسيج المجتمع.
ماذا عن الأدلة المشيرة إلى أن الدينيين أكثر مشاركة في الأعمال الخيرية من اللادينيين، مثل الأدلة المساقة في كتاب «من يهتم حقا؟» لآرثر سي بروكس، الذي يشير إلى أنه تزيد احتمالات تبرع الدينيين للأعمال الخيرية عن اللادينيين بنحو 25٪، ومن ذلك الأعمال الخيرية اللادينية؟ (لاحظ أنه رغم أن 40٪ من المسيحيين الأمريكيين سيقولون إنهم ارتادوا الكنيسة الأحد الماضي، فقد توصل باحث مسيحي إلى أن 20٪ فحسب منهم هم من ارتادوا الكنيسة؛ ومن ثم فالإحصائية السابقة الخاصة بالمساهمة في الأعمال الخيرية - التي تعتمد على ما «يقول» المسيحيون الأمريكيون إنهم يفعلونه - قد تكون غير جديرة بالثقة هي الأخرى.) أدت مثل هذه الإحصائيات بالبعض إلى الخلوص إلى أنه من دون الدين يستحيل إقامة مجتمع صحي. إلا أنه لا توجد علاقة بين الأمرين، وأكثر ما تكشف عنه الإحصائية السابقة الخاصة بالمشاركة في الأعمال الخيرية هو أنه - على مقياس واحد من مقاييس الصحة المجتمعية - ربما يكون أحد المجتمعات أفضل حالا إن كان معتنقا لدين عما سيكون عليه إن لم يكن معتنقا لدين. ويجب علينا ألا نغفل عن أن - على مقاييس أخرى ربما أكثر أهمية لصحة المجتمع - أكثر الديمقراطيات الغربية تدينا تعيش حياة أسوأ من تلك الأقل تدينا.
لا شك أن الدين له بعض «المنافع» الاجتماعية، التي قد تكون من بينها وجود نزعة أقوى للقيام بأعمال الخير بين الدينيين، لكن من الممكن أن تتحقق هذه المنافع من دون الدين. ربما تكون زيادة الميل للقيام بالأعمال الخيرية نتيجة لإكساب ممارسة الدين الناس عادة التفكير في أحوال الآخرين ومساعدتهم؛ وهو شيء يمكن أن نغفله بسهولة في سياق آخر. قد تكون هناك طرق أخرى لاستمالة الناس إلى هذه العادات الطيبة. سأعرض في الفصل السادس لأدلة تشير إلى أن التعرض لصنوف معينة من البرامج الفلسفية يمكنها «أيضا» أن تساعد على غرس سلوك أكثر اهتماما بالآخرين واحتراما لهم لدى الشباب. (7) حركة «رأس المال الأخلاقي»
كي يتعامل المفكرون الدينيون مع الملاحظة المحرجة - بالنسبة إليهم - أنه في عموم الغرب يسلك الملحدون واللاأدريون بوجه عام سلوكا راشدا (في أغلب المقاييس، بالقدر نفسه على الأقل من الرشد كأقرانهم من الدينيين)، فإنهم يحتكمون إلى فكرة «رأس المال الأخلاقي»؛ فيقولون إن تراثنا الديني أفرز مخزونا من رأس المال الأخلاقي يعول عليه الآن إنسانويو اليوم. في نهاية الأمر، سينفد رأس المال هذا وتتبع ذلك فوضى أخلاقية. نحن إذن في حاجة عاجلة إلى دعم رأس المال الديني هذا إن أردنا أن نتجنب التعرض لكارثة.
ويشيع مصطلح «رأس المال الأخلاقي» على نحو خاص بين المحافظين من الأمريكيين، ويستخدم هذا المصطلح إرفينج كريستول (الذي كثيرا ما يشار إليه بوصفه «الأب الروحي» للمحافظة الجديدة)، وذلك كما يلي:
لما يربو على 150 عاما وحتى الآن، ما برح الناقدون الاجتماعيون يحذروننا من أن المجتمع البرجوازي يقتات على رأس المال الأخلاقي المتراكم من الدين التقليدي والفلسفة الأخلاقية التقليدية.
وكذلك استخدمته جيرترود هيملفارب، التي تزعم أننا:
نعتمد على رأس المال الديني لجيل سابق، وأن رأس المال هذا يستنفد على نحو خطير.
قال القاضي روبرت كيه بورك - الذي رشحه الرئيس رونالد ريجان لعضوية المحكمة الأمريكية العليا - موافقا:
Bog aan la aqoon