Insanawiyya: Muqaddima Qasira Jiddan
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
كان الفيلسوف الروماني سنيكا (2 قبل الميلاد-65 ميلاديا) يرى أن:
الدين بالنسبة إلى البسطاء حقيقة، وإلى الحكماء كذب، وإلى الحكام وسيلة نافعة.
ومثل أغلب الإنسانويين اليوم، أصر سنيكا على أن «الوقت المناسب للعيش هو الآن.» (5) ابن رشد
إبان العصور الوسطى، كان الفكر المسيحي هو المسيطر على أوروبا على نحو كبير؛ فكانت جميع الأنشطة الفنية والفكرية تقريبا لاهوتية التوجه، ونادرا ما كان يتم التسامح مع التشكيك في المعتقد الديني التقليدي، وغالبا ما كان يقابل هذا بالعنف والتعذيب.
إلا أنه كانت توجد اتجاهات فكرية أكثر ليبرالية في العالم العربي. ولد المفكر العربي ابن رشد (1126-1198) في قرطبة بالأندلس، وهي بقعة اشتهرت بحريتها الفكرية النسبية. كان لشروح ابن رشد الواضحة والميسرة لأرسطو تأثير مهم على المفكرين المسيحيين الأوروبيين الذين كانوا يعيدون اكتشاف أعمال أرسطو، التي غابت بصورة عامة عن أوروبا المسيحية منذ القرن السادس. وفي الواقع، أطلق المفكر المسيحي توما الإكويني (1225-1274) على أرسطو «الفيلسوف» وعلى ابن رشد «الشارح».
وقال ابن رشد إنه عندما يتعارض النص الديني مع ما قاله فلاسفة على غرار أرسطو، يجب إعادة تفسير النص الديني باعتبار أنه يعتمد في أسلوبه على المجاز. وهذا المنهج الراديكالي الليبرالي نسبيا في تناول النصوص الدينية، الذي يعطي في الواقع العلم والعقل سلطة الاعتراض على الفهم الحرفي للنص، انتهى من العالم العربي. إلا أن ابن رشد غرس بذرة تحررية مهمة في الفكر الغربي؛ إذ زادت أهمية النقاشات حول إمكانية التقريب بين الدين والفلسفة. (6) عصر النهضة
يمتد عصر النهضة من القرن الرابع عشر حتى نهاية القرن السادس عشر أو بداية القرن السابع عشر، وكانت بدايته في فلورنسا بإيطاليا. تحققت الحركة جزئيا نتيجة لتجدد الاهتمام بالفكر الكلاسيكي؛ فقد أعاد أرباب الحركة اكتشاف أفكار وحجج المفكرين الإغريق والرومان ودراستها، تلك التي أعطت زخما عظيما للاستقصاء الفكري، الذي اتسع في تلك الفترة ليتخطى حدود اللاهوت المسيحي. واتسع أيضا نطاق الفنون المرئية، التي كانت تركز على نحو أساسي على الأمور الدينية، وأصبحت تركز على المذهب الطبيعي على نحو أكبر، إضافة إلى اعتمادها على الميثولوجيا الكلاسيكية إلى جانب الميثولوجيا اليهودية والمسيحية. ونشأ الرسم المنظوري. ودراسات ليوناردو دافنشي (1452-1519) لملامح الوجه البشري وما تخبرنا به عن شخصياتنا - التي ألهمت تصويره الفني للهيئة البشرية - توضح بدقة النحو الذي زاد به التركيز على دراسة الإنسان وثقافته إبان عصر النهضة.
كما كانت هناك ثورات دينية مهمة أيضا؛ فقد تصاعد النقد الموجه للكنيسة الكاثوليكية، التي تنامت النظرة إليها على أنها فاسدة، ولا سيما في مسألة بيع صكوك الغفران، التي وهبت مشتريها، المفترض دخولهم الجنة، العتق من العذاب في المطهر. وفي عام 1517، نشر مارتن لوثر (1483-1546) أطروحاته الخمس والتسعين عن قوة صكوك الغفران. وأتاح اختراع الطباعة انتشار مثل هذه الأفكار الجديدة والراديكالية على نطاق واسع. وأدت محاولات لوثر لإصلاح الكنيسة الكاثوليكية في النهاية إلى ما يسمى بحركة الإصلاح الديني ونشوء البروتستانتية، وإنهاء الهيمنة الدينية للكنيسة الكاثوليكية على أوروبا.
إبان عصر النهضة، ابتكر المنهج العلمي الحديث، ربما على يد فرانسيس بيكون (1561-1626) بشكل خاص. وبالتأكيد شهد هذا العصر بعض محاولات التحدي العلمي للفكر الديني. كان جوردانو برونو (1548-1600) دومينيكيا موسوعيا، وهو الذي دافع عن نظرية كوبرنيكوس القائلة بأن الأرض تدور حول الشمس. استجوبت محكمة التفتيش برونو حول آرائه الكونية وكذلك آرائه الدينية غير التقليدية الأخرى؛ وفي النهاية حكمت بحرقه على الخازوق. وكان الفيزيائي وعالم الفلك جاليليو (1564-1642) طرفا بأحد أكثر المواقف الدرامية التي تصور التوتر المتنامي بين الفكر العلمي والفكر الديني؛ فقد حذرت الكنيسة الكاثوليكية جاليليو ألا يؤكد بقوة صحة نموذج كوبرنيكوس عن مركزية الشمس (حيث يمكن استخدامه كأداة تنبئية مفيدة). إلا أن جاليليو أقدم على ذلك، وعلى نحو مستفز إلى حد كبير؛ ونتيجة لذلك، ألقي القبض عليه وهدد بالتعذيب والإعدام على يد محكمة التفتيش العليا. وبعد أن تنصل جاليليو من أفكاره، سجن فحسب، واستبدل بهذا الحكم بعد ذلك الإقامة الجبرية.
ويصر عدد من المعلقين الكاثوليك المحدثين على أنه لن يكون من المنصف وصف الكنيسة الكاثوليكية بأنها كانت مناهضة للعلم في ذلك الحين. ويرى بعضهم أن آراء برونو اللاهوتية، وليست آراءه الكونية، هي التي أوقعته في المشاكل مع محكمة التفتيش. إلا أن وثائق الفاتيكان كشفت خطأ هذا الزعم؛ مما يشير بوضوح إلى أن التحقيق مع برونو جرى بسبب آرائه الكونية. كما يذهب بعض المعلقين إلى أن جاليليو ألقي القبض عليه، لا لآرائه العلمية، وإنما لآرائه حول تفسير الكتاب المقدس. ولكن هذا غير صحيح؛ فلأن جاليليو ذهب إلى أن الأرض تدور حول الشمس، لم يكن أمامه خيار سوى أن يقول إما أن مزاعم الكتاب المقدس المخالفة لذلك كانت خاطئة فحسب (وهو الأمر الذي كان سيعد عملا انتحاريا بالطبع)، وإما أن تلك الأجزاء من الكتاب المقدس - التي «يبدو» أنها تزعم أن الأرض لا تتحرك - تحتاج إلى إعادة تفسير.
Bog aan la aqoon