Insanka ee Qur'aanka
الإنسان في القرآن
Noocyada
وقد يحدث غدا أن يوجد الدليل الممكن على النوع المتوسط، أو توجد الوسيلة الممكنة للتلقيح بين الأنواع المتقاربة، فتعود إلينا قصة دوران الأرض ودوران الشمس بخطر على الدين والعلم لا داعية له غير التعجل والعنت في الخصومة الفكرية، وإنه لعنت معيب يجوز في خصومات المال، ولكنه يحرم أشد الحرمان في خصومات الأفكار والآراء. •••
وفي كتاب تدور موضوعاته على حكم القرآن الكريم في شأن الإنسان يعنينا هنا أن نسأل: هل يصيب الذين يحرمون باسم الإسلام مذهب النشوئيين المؤمنين بالخالق؟
وليس يخالجنا كثير من الشك ولا قليل في خلو كتاب الإسلام مما يوجب القول بتحريم هذا المذهب؛ فقد يثبت غدا أن المذهب صحيح كله أو باطل كله، أو يثبت أن بعضه صحيح وبعضه باطل، ولكن كتاب الإسلام لا يصد عن سبيل العلم في أية وجهة من هذه الوجهات، كما سنبينه في موضعه من الفصل الأخير.
الدين ومذهب دارون
نعود فنقرر في هذا الفصل ما ختمنا به الفصل السابق، فنقول: إن مذهب التطور، أيا كان تفسير القائلين به لنشأة الأنواع، ليس فيه ما يصح أن يستند إليه الملحدون لإبطال الدين، أو إنكار الخالق، أو القول بخلو الكون من دلائل القصد والتدبير.
وقد نسب القول بنشأة الأنواع من أثر الانتخاب الطبيعي والانتخاب الجنسي إلى عالمين كبيرين من علماء القرن التاسع عشر؛ هما: شارلز دارون، وألفريد رسل ولاس، ولم يكن أحد منهما منكرا لوجود الله.
فأولهما - شارلز دارون - كان يقول: إنه يستريح إلى الإيمان بوجود الإله في هذا الكون الكبير، ولكنه يرى أن شعوره هذا لا يلزم أحدا أن يشعر به مثله، ولا يبلغ من شأنه أن يكون حجة علمية تقنع المنكرين.
كتب في سنة (1897) إلى الأستاذ فرديس، صاحب كتاب «صور من الشكوك»، يقول جوابا على سؤاله: «إنني في أشد أحوال التردد لم أكن قط ملحدا إذا كان معنى الملحد إنكار وجود الله، وأرى على العموم - وبخاصة مع تقدم السن - أنني أحرى أن أسمى (لاأدريا)، وأن هذا الاسم أقرب إلى الصواب في وصف تفكيري.»
وقال في خطاب كتبه إلى طالب هولندي (في الثالث من أبريل سنة 1873):
يبدو لي أن استحالة القول بأن هذا الكون العجاب العظيم، وما انطوى عليه من شعورنا الواعي إنما كان وليد المصادفة، هو أكبر سند للقول بوجود الله، ولكنه سند لا أستطيع أن أقرر قوة إقناعه، كما لا أستطيع أن أغضي عن المشكلة التي تنجم مما يتخلل هذا العالم من الآلام.
Bog aan la aqoon